طرح رئيس وزراء حكومة الاحتلال الاسرائيلي بنيامين نتنياهو 5 “مبادئ لإنهاء الحرب” من وجهة نظره وقام نتنياهو باستعراض هذه المباديء وفق طريقته المسرحية كعرض تقديمي كالتالي:
1. نزع سلاح “حماس”.
2. تحرير جميع الأسرى.
3. نزع السلاح بالكامل من القطاع.
4. سيطرة أمنية إسرائيلية على القطاع.
5. إدارة مدنية غير إسرائيلية لا تربّي أبناءها على “الإرهاب”، ولا تكون تابعة للسلطة الفلسطينية، وقال: “في ظل رفض حماس إلقاء سلاحها، لا خيار أمام إسرائيل سوى إكمال المهمة”.
وقد أضاف نتنياهو أن احتلال مدينة غزة ومخيمات وسط قطاع غزة هي أفضل طريقة لإنهاء الحرب بسرعة وأنه لا يرغب في إطالة أمد الحرب لأن ذلك سيؤدي إلى موت كثير من الأسرى الإسرائيليين غزة، وفي الحقيقة أشار نتنياهو إلى الحقيقة من خلال قول عكسها هنا لأن نتنياهو لا يهتم بحياة الأسرى في الواقع، وقد قتل جيشه العديد منهم خلال عملياته العسكرية في قطاع غزة.
أما الحقيقة الثانية التي ذكر نتنياهو عكسها هي إطالة أمد الحرب حيث حاول نتنياهو قدر الإمكان إطالة أمد الحرب ومع ذلك ظل يردد أنه لا يرغب في إطالة أمد الحرب، فمنذ أن طالبه الرئيس الأميركي السابق جو بايدن بإنهاء الحرب حتى 1 يناير 2024 وهو يماطل بكل السبل الممكنة ويختلق الحجج لإطالة أمد الحرب.
سببت مرونة المقاومة الفلسطينية وفريقها التفاوضي خلال الجولات الأخيرة من التفاوض حرجا كبيرا لنتنياهو وكشفت ألاعيبه بشكل لا لبس فيه، حيث كان نتنياهو وويتكوف ومن قبلهم بلينكين يحاولون تصوير المقاومة الفلسطينية أنها من تعطل الوصول لاتفاق وقف إطلاق نار، لكن في كل مرة كانت المقاومة تبدي مرونة بسبب رغبتها بتحسين الوضع الإنساني لسكان قطاع غزة كان نتنياهو يتنصل بطريقة أو بأخرى من الاتفاق ويحظى بغطاء أميركي داعم لسلوكه.
ولذلك الآن يعمد نتنياهو الآن إلى الحديث عن الصفقة الشاملة وشروطها مع أن نتنياهو نفسه رفض الصفقة الشاملة ولجأ إلى صفقات وقف إطلاق نار جزئية لكي يعود للحرب مرة أخرى بعد كل صفقة جزئية، والآن عندما علم أن جعبته قد فرغت من الحجج وأن معظم أوراقه قد كشفت عاد ليطرح الصفقة الشاملة.
يطرح نتنياهو فكرة الصفقة الشاملة لأنه يعلم أنها السلة التي تحمل كل القضايا المعقدة وخاصة ملف حكم قطاع غزة وسلاح المقاومة فيها ومستقبل تواجد الجيش الإسرائيلي وشكل سيطرته على غزة وكذلك تتدخل هنا تصورات دول العالم حول شكل وآليات الحل للأزمة الحالية وللقضية الفلسطينية بشكل عام.
ويعلم نتنياهو أن مجرد التفاوض عن ملف واحد من ملفات الصفقة الشاملة قد يستغرق أشهرا طويلة، ويستمر نتنياهو بكذبه حيث قال أن العروض الأخيرة على طاولة المفاوضات حول الصفقة كانت ستمدد أمد الحرب. وللتأكيد على كذب نتنياهو تجدر الإشارة أن عائلات الأسرى الإسرائيليين كانت قد طالبت بنيامين نتنياهو بإبرام صفقة شاملة يخرج بموجبها كل من تبقى من الأسرى الإسرائيليين الموجودين بيد المقاومة في غزة لكن نتنياهو لم يأبه لهذه المطالبات والدعوات.
في ذات سياق حديث نتنياهو عن مباديء إنهاء الحرب فرض نتنياهو نفسه على الجيش الإسرائيلي الاستعداد للقيام بعملية عسكرية لاحتلال مدينة غزة وهي عملية من شأنها أن تطول لفترة طويلة بالرغم من تصوير ذلك إعلاميا أنه قد يستمر لشهرين أو ثلاثة أشهر ولكن في الواقع لا يمكن أن ننسى أن الجيش الإسرائيلي منذ 23 شهرا وهو يخوض عمليات عسكرية في قطاع غزة من دون تحقيق أهداف الحرب التي أعلنها نتنياهو.
يعمل نتنياهو هنا على تضليل الرأي العام في عدة قضايا وأول هذه القضايا هي فكرة إطالة أمد الحرب حيث يسعى لترويج العكس، ومن ناحية ثانية يسعى نتنياهو لتغيير أجندة الرأي العام التي تابعت حرب التجويع على أطفال ونساء غزة والتي راح ضحيتها المئات من الأطفال والنساء بسبب الجوع ونقص التغذية
أما القضية الثالثة فهي تتعلق بالإيحاء وكأن الجيش الإسرائيلي سيبدأ عملية عسكرية للمرة الأولى وكأنه لا يحتل حاليا أكثر من 70% من مساحة قطاع غزة بما فيها مدينة رفح بالكامل وبيت حانون ومنطقة محور نتساريم وشرق خان يونس وغيرها.
من زاوية أخرى نجد أنه حتى كتاب اسرائيليين قد ذكروا أن ما عرضه نتنياهو متناقض فشرط تفكيك سلاح حماس لا ينسجم مع فكرة تحرير الأسرى حيث أن نزع سلاح حماس بالقوة يعني مقتل كل الأسرى. كما أن إجبار حماس على الاستسلام لم ينجح بكل الآلة العسكرية المستخدمة والتي فاق قنابل هيروشيما وناغازاكي ببضعة أضعاف خلال عامين كاملين من القصف والقتل والتدمير والتجويع والتهجير وغيره.
إن عملية احتلال مدينة غزة ومخيمات الوسط لن تستغرق أشهراً إن حصلت بل ربما تستمر لأكثر من عام كامل بالحد الأدنى وفي سياق آخر يمكننا القول أن قدرات المقاومة الصاروخية قد تكون تضررت بشكل كبير جدا ولكن قدرات المقاومة الدفاعية عبر حرب العصابات لازالت قوية جدا وقد أثبتت نفسها خلال عمليات عربات جدعون التي استمرت لخمس أشهر وقتل خلالها حوالي 60 جندياً إسرائيلياً وأصيب العشرات في عمليات المقاومة الفلسطينية.
أما الحديث عن سيطرة أمنية اسرائيلية على قطاع غزة وإدارة بديلة لن تكون حماس أو السلطة فيها فهي ستكون حكومة عميلة لإسرائيل وستكون تحت الاستهداف والاستنزاف من المقاومة الفلسطينية وستستغرق وقتا طويلا حتى يتم إيجاد أسمائها وستخوض صراعا كبيرا لتمريرها فلسطينيا وعربيا ولن تنجح في الحصول على موطئ قدم كما تفكر حكومة نتنياهو.
إن نتنياهو يسعى إلى حرب أبدية ليثبت حكمه كقائد تاريخي لدولة الاحتلال وجميع تصريحاته ومواقفه الأخيرة تؤكد على ذلك وهو كذلك ليس مستعدا لأي قبول وبأي شكل من أشكال كيانية الدولة الفلسطينية حتى تلك المنزوعة السلاح والسيادة ولذلك سيظل يماطل لتثبيت حقائق على الأرض بما يخدم مشروعه الصهيوني أو ما وصفه بإسرائيل الكبرى.
المصدر: تلفزيون سوريا