تستعد دولة الاحتلال الإسرائيلي لجني ثمار ما تعتبره بيئة جديدة تشكلت في المنطقة. تعتمد إسرائيل في ذلك على تطورات عديدة، منها إضعاف حزب الله في لبنان بشكل كبير، وانهيار نظام الأسد في سوريا، ونتائج المواجهة الأخيرة مع إيران التي استمرت 12 يومًا.
تعتقد إسرائيل أن موازين القوى في المنطقة قد تغيرت لصالحها، وأن واقعًا إقليميًا جديدًا يتشكل، وترى مؤشرات على ذلك. أحد هذه المؤشرات هو عدم تدخل وكلاء إيران في المواجهة الأخيرة بأي شكل، رغم بعض تحركات الحوثيين التي كانت محدودة التأثير. ويعتبر الإسرائيليون عدم تدخل وكلاء إيران في اللحظة الأكثر حرجًا تغييرًا استراتيجيًا مهمًا.
كما تمكنت إسرائيل من استخدام المجال الجوي السوري دون عوائق، وكان رد فعل إيران الضعيف على الضربات الأمريكية المباشرة لمنشآتها النووية مؤشرًا آخر. بالإضافة إلى ذلك، لم تتمكن إيران من إغلاق مضيق هرمز رغم تهديداتها. ومن حيث الخسائر في المواجهة، تعتبر إسرائيل أن مقتل 29 إسرائيليًا، وإجبار الإسرائيليين على اللجوء إلى الملاجئ، وتدمير بعض المباني، كلها خسائر أقل بكثير من التقديرات الإسرائيلية، وتكلفة تافهة مقارنة بالإنجازات المحققة.
على المستوى الدولي، لم تتدخل الصين، ولم تقدم روسيا دعمًا واضحًا لإيران، وحتى كوريا الشمالية لم تفعل ذلك. وبالتالي، فقد أثبت المحور الذي كان يُعتقد أنه قد يرد باعتبار الهجوم على إيران بداية لهجوم عليه، أنه غير مهتم بالتدخل، مما أثلج صدر الولايات المتحدة أيضًا، خاصة في ظل التوقعات النظرية التي تشير إلى مشكلة أمنية مشتركة تشكلها هذه الدول.
مرة أخرى، كانت ردود الفعل على خطوات إسرائيل أقل بكثير من المخاوف والتوقعات. فعندما نقل ترامب السفارة الأمريكية إلى القدس في 2018، كانت هناك مخاوف كبيرة، لكن لم يحدث شيء. وأجلت إسرائيل الهجوم العسكري على البرنامج النووي الإيراني مرارًا منذ 2009 بسبب المخاوف الكبيرة، لكن تبين أن الثمن كان أقل بكثير من المتوقع عند تنفيذ الهجوم. وهذا سيشجع أصحاب المدرسة العدوانية والتوسعية في دولة الاحتلال الإسرائيلي.
كما يتضح مما سبق، ترى إسرائيل أن المنطقة بأكملها تمثل فرصًا يجب استغلالها، وأن عليها تحويل مكاسبها العسكرية في لبنان وسوريا وإيران إلى نتائج سياسية. في هذا السياق، حدد الباحث الإسرائيلي عيران ليرمان 6 مجالات لفرص جديدة للكيان الصهيوني:
تعزيز التنسيق بين إسرائيل والولايات المتحدة بشأن المنطقة، خاصة في تحديد حدود نفوذ إيران والشروط التي يمكن فرضها عليها، بما في ذلك التخلي عن الجانب العسكري للبرنامج النووي، ووقف تطوير الصواريخ الباليستية، وقطع الدعم عن الوكلاء.
استغلال المجال الجوي السوري بعد استخدامه كمسار عملياتي لضرب إيران دون عوائق، والسعي لإشراك سوريا في اتفاقيات إبراهيم، مع شرعنة السيطرة على هضبة الجولان المحتلة منذ 1967. تعتقد إسرائيل أن النظام السوري الجديد بحاجة إلى الشرعية والدعم الاقتصادي، ويمكنها استغلال ذلك لبناء علاقات جديدة مع سوريا.
محاولة نزع سلاح حزب الله، ورسم خريطة طريق جديدة في لبنان بالاستفادة من المصالح المشتركة مع السعودية وفرنسا.
التطبيع مع السعودية دون تقديم تنازلات في القضية الفلسطينية، مع توقع إقامة علاقات رسمية مع إندونيسيا بعد التطبيع مع السعودية.
تحسين العلاقات مع مصر والأردن، اللتين تشتركان في أطول حدود مع فلسطين، عبر زيادة الدعم الاقتصادي الأمريكي لهما باستخدام النفوذ الصهيوني في واشنطن.
وأخيرا، يجري الحديث عن استخدام مفاوضات وقف إطلاق النار لخلق بديل يحل محل حكم حماس في غزة، رغم أن هذه المعضلة تبدو الأصعب على إسرائيل، حيث فشلت حتى الآن في القضاء على حماس رغم أكثر من 640 يومًا من المواجهات.
إن النجاح في استغلال هذه الفرص يعتمد على تجاوز كافة التحديات من خلال الحوار المكثف مع إدارة ترامب، والتنسيق مع جميع أصدقاء دولة الاحتلال الإسرائيلي، والتنسيق المتكامل مع كافة الأطراف.