“إيكواس” بعد نصف قرن.. مكتسبات الماضي وتحديات الحاضر

في الوقت الذي حققت فيه المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس" الكثير من المكتسبات سواء الاقتصادية أو السياسية، يواجه هذا التكتل الكثير من التحديات، خاصة على المستوى الأمني والاقتصادي، بعد نصف قرن من إنشائه.
23/06/2025
image_print

وكالة الأناضول

في الوقت الذي حققت فيه المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “إيكواس” الكثير من المكتسبات سواء الاقتصادية أو السياسية، يواجه هذا التكتل الكثير من التحديات، خاصة على المستوى الأمني والاقتصادي، بعد نصف قرن من إنشائه.

وفي يناير/كانون الثاني 2025 انسحبت مالي وبوركينا فاسو والنيجر من “إيكواس”، ما شكل تحديا للتكتل الذي تأسس في 28 مايو/ أيار 1975 بهدف تعزيز التكامل الاقتصادي والتعاون بين دول غرب إفريقيا.

** مكتسبات المنظمة

حققت “إيكواس” منذ تأسيسها بمدينة لاغوس في نيجيريا الكثير من المكتسبات الاقتصادية والأمنية على مستوى الإقليم.

وتضم المجموعة بنين والرأس الأخضر وكوت ديفوار وغامبيا وغانا وغينيا وغينيا بيساو وليبيريا ونيجيريا والسنغال وسيراليون وتوغو، قبل أن تنسحب بوركينا فاسو والنيجر ومالي في يناير وتؤسس تجمعا مستقلا جديدا تحت اسم “كونفدرالية دول الساحل”.

الباحث المغربي بالشؤون الإفريقية زكرياء أقنوش قال إن “إيكواس” ظهرت كواحدة من أفضل المؤسسات الاقتصادية الإقليمية نشاطا وأداء في إفريقيا، حيث تمكنت من تحقيق حرية تنقل الأشخاص بين منطقتها وسجلت نحو 75 بالمئة من التكامل التجاري.

وأضاف في تصريحات للأناضول أن “من أبرز ما أحرزته المنظمة على مر خمسين عاما من تأسيسها، سجلها الحافل بمهام حفظ السلام”.

وتابع: “منذ أواخر سبعينات القرن الماضي اعتمدت المنظمة على ثلاثة بروتوكولات رئيسية تتعلق بالأمن وحفظ السلام ومنع النزاعات في غرب إفريقيا”.

وأوضح أن البروتوكولات هي: “بروتوكول عدم الاعتداء عام 1978، وبروتوكول المساعدة المتبادلة في الدفاع عام 1981، وبروتوكول آلية منع النزاعات وإدارتها وحلها وحفظ السلام والأمن عام 1999”.

وبحسب الباحث المغربي، فإن “إيكواس” أسست قوات تسمى “مجموعة مراقبة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا” عام 1990، وشكلت أساسا هاما لنظام الأمن الذي تبناه المنظمة.

وأوضح أن هذه القوات لعبت أدوارا مهمة بالغة ملموسة في إنهاء الحرب الأهلية الأولى في دولة ليبيريا (1989-1997)، والحرب الأهلية في دولة سيراليون (1991-2002).

وأضاف: “في الوقت الحالي، يتألف نظام الأمن والسلام في المنظمة من شبكة الإنذار والاستجابة التابعة لإيكواس، وقوات الاحتياط التابعة للمنظمة أيضا، التي تم تشكيلها في مارس/آذار 2025 لمكافحة الإرهاب في غرب إفريقيا”.

** تحديات على الطريق

وأشار أقنوش إلى أن “الإرهاب لا يزال يشكل تحديا كبيرا للمنظمة، وتهديدا لاستقرار المنطقة، رغم جهود الإيكواس في مكافحته”.

وذكر أن الجماعات المسلحة الإرهابية مثل “بوكو حرام” و”تنظيم داعش في غرب إفريقيا” كانت منذ عام 2010 تمارس هجمات إرهابية بشكل نشط في منطقة حوض بحيرة تشاد.

بينما يتحرك تنظيم “داعش بالصحراء الكبرى” بشكل أساسي في منطقة “ليبتاكو-غورما” التي تربط دول بوركينا فاسو ومالي والنيجر، وفق الباحث.

ولفت إلى أن هذه المخاطر الأمنية جعلت منطقة الساحل في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى مركزا للإرهاب، وفقا لمؤشر الإرهاب العالمي لعام 2024، حيث كانت بوركينا فاسو الدولة الأكثر تضررا من الأزمة.

ولا تزال مشكلة الأمن بمنطقة الساحل والصحراء الإفريقية تؤرق بلدان المنطقة والمسؤولين الأمميين، إذ تبين الأرقام الرسمية أنه على مدى ثلاث سنوات متتالية شكل عدد الوفيات المرتبطة بالإرهاب بالمنطقة أكثر من نصف إجمالي الوفيات المرتبطة بالإرهاب في العالم.

** تصدع المجموعة

الباحث المغربي أوضح أنه رغم اهتمام “إيكواس” بتعزيز التكامل والوحدة بين أعضائها، أعلنت بوركينا فاسو ومالي والنيجر انسحابها من المنظمة.

وانسحبت هذه الدول من “إيكواس” في يناير الماضي، مما جعل المنطقة تدخل رهانات جديدة بعدما أسست الدول المنسحبة تجمعا إقليميا جديدا.

وتوترت العلاقات بين “إيكواس” والدول الثلاث بعدما طالب التكتل بالعودة إلى الحكم المدني إثر انقلابات عسكرية في مالي عام 2020، وبوركينا فاسو في 2022، والنيجر 2023.

وفي 17 سبتمبر/ أيلول 2023 وقعت الدول الثلاث “ميثاق ليبتاكو-غورما”، المؤسس لتحالف دول الساحل الثلاث، ويهدف إلى إنشاء “هيكلية للدفاع المشترك، والمساعدة الاقتصادية المتبادلة”.

وتابع أقنوش: “كان هذا الانسحاب، وفق بيان للدول الثلاثة، ردا على عقوبات إيكواس المفروضة عليها، وعلى عدم توفير المنظمة الدعم اللازم في مكافحتها للإرهاب ونضالها ضد العنف، مع اعتقاد هذه الدول الثلاثة بأن المنظمة صارت تخضع للقوى الأجنبية”.

ولفت إلى أنه بهذا الانسحاب، لم يتبق في إيكواس الآن سوى 12 عضوا، بينما شكلت الدول الثلاث المنسحبة اتحادا جديدا باسم تحالف دول الساحل (أو كونفدرالية دول الساحل(

وأوضح أن من التحديات المستقبلية البارزة أمام المنظمة، اعتماد عملة موحدة، مضيفا أن المنظمة تأخرت في إطلاق هذه العملة خلال أعوام 2005 و2010 و2014 و2020، بسبب فشل الدول الأعضاء في تحقيق معايير التقارب للتضخم وعجز الميزانية والاحتياطيات الخارجية ونسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي.

وأشار إلى أن المنظمة حددت موعدا جديدا لإطلاق العملة هو عام 2027، ولكن هناك مخاوف بشأن استحالة ذلك، بسبب الصعوبات الاقتصادية التي ستواجه المنظمة، نتيجة انسحاب الدول الثلاث.

وتوقع أن تحقق المنظمة تقدما في خططها في السنوات القادمة، رغم أن العقبات العديدة التي تواجهها قد طغت على معظم إنجازاتها حاليا.

وشدد على ضرورة استعداد المنظمة لمواجهة المشاكل السياسية والاقتصادية والأمنية والصحية والسيبرانية والتقنية، إلى جانب رؤيتها الطموح لعام 2050، وضرورة تبني عقليّة إصلاحية، وتعزيز قدراتها المؤسسية، وتعزيز التعاون ذي المنفعة المتبادلة مع الدول الأعضاء.

Anadolu Ajansı

وكالة الأناضول للأنباء

اترك تعليقاً

Your email address will not be published.