خلاف ترامب وماسك.. الأحزاب الأمريكية الثالثة تأثير بلا فوز

عقب خلاف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورجل الأعمال إيلون ماسك، تجدد الجدل في الولايات المتحدة حول الأحزاب الثالثة التي تؤثر في المشهد السياسي لكنها لا تفوز.
26/08/2025
President Donald Trump participates in a press conference with departing DOGE adviser Elon Musk, Friday, May 30, 2025, in the Oval Office. (Official White House Photo by Molly Riley)
image_print

عقب خلاف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورجل الأعمال إيلون ماسك، تجدد الجدل في الولايات المتحدة حول الأحزاب الثالثة التي تؤثر في المشهد السياسي لكنها لا تفوز.

ومنذ أكثر من قرنين تدار الولايات المتحدة بنظام الحزبين، ومنذ منتصف القرن التاسع عشر يواصل الديمقراطيون والجمهوريون التناوب على الحياة السياسية في البلاد، كلٌ في فترات مختلفة وبأولويات سياسية.

ورغم أن أحزابا ثالثة ظهرت من حين لآخر في السياسة الأمريكية، فإن نظام “الفائز يحصل على كل شيء” ونظام الانتخابات على مستوى الولايات جعلا من الصعب على هذه الأحزاب أن تصبح قوة دائمة.

واليوم يطرح الخبراء سؤالا هو: هل يمكن للحزب المحتمل الذي أطلق ماسك عليه اسم “حزب أمريكا” أن يصبح فعلا قوة دائمة في سياسة البلاد ويحدد السلطة في يوم من الأيام؟.

الأناضول التقت الأستاذين روبرت ي. شابيرو، وأندرياس ويمر من جامعة كولومبيا الأمريكية للحديث عن النظام السياسي الأمريكي والموقع التاريخي والراهن للأحزاب الثالثة في البلاد.

** الأحزاب الثالثة لم تفز

شهد التاريخ السياسي الأمريكي حالات حققت فيها قوى خارج الحزبين الكبيرين – الديمقراطي والجمهوري – نتائج بارزة غيّرت التوازنات.

الرئيس الأسبق ثيودور روزفلت مثلا حصل بقيادة “الحزب التقدمي” (Bull Moose) عام 1912 على 27 بالمئة من الأصوات و88 صوتا في المجمع الانتخابي، ولم يفز بالسباق لكنه شق صفوف الجمهوريين وفتح الطريق أمام فوز الديمقراطي وودرو ويلسون.

أما جورج والاس ففاز بخمس ولايات جنوبية عام 1968 عبر “الحزب الأمريكي المستقل”، جامعا 46 صوتا في المجمع الانتخابي.

في حين حصل رجل الأعمال روس بيرو عام 1992 على 18.9 بالمئة من الأصوات، مما هزّ ثنائية الحزبين، لكنه لم يفز بأي ولاية فلم يحصل على أي مندوب في المجمع الانتخابي.

ذلك أن النظام الأمريكي مصمَّم بطريقة تجعل الأحزاب الثالثة في موقف يصعب فيها فوزها، من انتخابات مجلس النواب إلى نظام المجمع الانتخابي القائم على مبدأ “الفائز يحصد كل الأصوات” في معظم الولايات.

وفي حديثه للأناضول قال الأستاذ شابيرو: “الحصول على الأصوات اللازمة للفوز بالرئاسة أمر صعب بسبب نظام الأغلبية”.

وأضاف شابيرو: “عندما ترشح روس بيرو للرئاسة حصل على نحو 19 بالمئة من الأصوات لكنه لم يكسب أي صوت في المجمع الانتخابي. الحزبان (الجمهوري والديمقراطي) متجذران بقوة كبيرة”.

من جانبه، رأى ويمر أن النظام الانتخابي الأمريكي يتيح فقط الهيمنة لحزبين، مما يجعل من الصعب على الأحزاب الثالثة أن تكون مؤثرة.

** تكاليف الحملات وتبديد الأصوات

تعاني الأحزاب الثالثة أيضا من خطر وصمها بأنها “مبددة للأصوات” حتى لو بقيت نسبها منخفضة.

ومن العقبات أيضا عمليات “الوصول إلى صندوق الاقتراع” المعقدة والمكلفة، إذ تشترط الولايات عشرات الآلاف من التواقيع ومواعيد صارمة وشروط تقنية مختلفة، مما يخلق كلفة عالية لأي حزب ناشئ يسعى للتنظيم في جميع الولايات الخمسين.

كما يشكل الوصول إلى المناظرات التلفزيونية عائقا إضافيا، إذ فرضت لجنة المناظرات الرئاسية لعقود شرط الحصول على 15 بالمئة في استطلاعات الرأي الوطنية، مما جعل ظهور الأحزاب الثالثة على الشاشة أمرا شبه مستحيل.

** هل يملك حزب ماسك فرصة حقيقية؟

في 5 يوليو/تموز 2025 طرح ماسك عبر حسابه على منصة شركة “إكس” الأمريكية فكرة تأسيس حزب ثالث، مستخدما تعبير “حزب أمريكا”.

ورغم الاستطلاعات الضخمة والتفاعلات الإعلامية، بقي التقدم الفعلي على مستوى التأسيس والتنظيم في الولايات محدودا.

لكن قدرة ماسك المالية ونفوذه الإعلامي وقوته في العالم الرقمي، تمثل مزايا نادرة في محاولات الأحزاب الثالثة.

ومع ذلك، لا يستطيع ماسك أن يصبح رئيسا، لأن الدستور الأمريكي يشترط أن يكون الرئيس مواطنا أمريكيا بالولادة.

ماسك المولود في جنوب إفريقيا حصل على الجنسية الأمريكية عام 2002، فلا يحق له الترشح، لكنه قد يؤثر بصفته مؤسسا أو ممولا أو “صانع ملوك”.

ولفت شابيرو إلى أن شهرة الشخص لا تكفي لتشكيل بيئة مناسبة لحزب ثالث، مضيفا: “الشهرة الشخصية مهمة أكثر داخل الحزبين الكبيرين، كما أظهر صعود ترامب”.

ولفت إلى أنه حتى امتلاك ماسك منصة اجتماعية كبرى (في إشارة إلى منصة شركة إكس الأمريكية) لم يساعده في السياسة، بل انعكس إيجابا على ترامب أكثر.

ورأى ويمر أن فرص نجاح ماسك ضعيفة، مردفا: “ماسك لا يحظى بمحبة كبيرة في السياسة، إذا أوفى بتهديده وأسس حزبا ثالثا، فسيكون أثره غالبا في تقسيم الجمهوريين لمصلحة الديمقراطيين”.

** مزاعم دعم ماسك لنائب الرئيس فانس

في 19 أغسطس/آب ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، نقلا عن مصادر مطلعة، أن ماسك يريد التركيز على شركاته ويتجنب تقسيم القاعدة الجمهورية عبر تأسيس حزب ثالث.

وأشارت المصادر نفسها إلى أن ماسك يعطي الأولوية لعلاقاته مع نائب الرئيس جيه دي فانس، وأن تأسيس حزب جديد قد يضر بهذه العلاقة.

وأضافت أنه يفكر في دعمه ماليا إذا ترشح للرئاسة عام 2028، وأن لقاءً كان مقررا مع مجموعات تنظّم حملات لأحزاب ثالثة قد أُلغي بسبب انشغال ماسك بشركاته.

وفي 21 أغسطس صرّح فانس لقناة “فوكس نيوز” الأمريكية بأنه نصح ماسك بعدم تأسيس حزب ثالث، معتبرا أن بقاءه وفيا للحزب الجمهوري ولحملة ترامب سيمنحه تأثيرا أكبر.

وأضاف فانس: “نصيحتي لإيلون أن يحاول إصلاح الحزب الجمهوري، افعل ذلك بطريقتك الخاصة. لا عليك أن تتفق معي أو مع الرئيس في كل شيء، لكن لا تدّعِ أنك ستحدث فرقا كبيرا عبر حزب ثالث”.

يذكر أن العلاقة بين ترامب وماسك التي اتسمت في السابق بالتعاون والدعم المتبادل، تحولت إلى عداء علني شديد منذ أن بدأ ماسك انتقاد مشروع قانون ترامب “الكبير والجميل”، وهو حزمة ضرائب، واصفا إياها بـ”الجنونية والمدمرة تماما”.

وفي 5 يوليو/ تموز أعلن ماسك تأسيس حزب سياسي جديد باسم “حزب أمريكا”، عقب يوم من إقرار مشروع قانون خفض الضرائب.

المصدر: وكالة الأناضول

Anadolu Ajansı

وكالة الأناضول للأنباء

اترك تعليقاً

Your email address will not be published.