جيل “زد” بالمغرب.. من الشاشات إلى الشوارع

شهد المغرب، خلال الأيام القليلة الماضية، مظاهرات يقودها شباب جيل "زد" (مواليد ما بين 1996 و2009) شملت عددا من المدن في البلاد للمطالبة بإصلاح التعليم والصحة ومحاربة الفساد.
30/09/2025
image_print

شهد المغرب، خلال الأيام القليلة الماضية، مظاهرات يقودها شباب جيل “زد” (مواليد ما بين 1996 و2009) شملت عددا من المدن في البلاد للمطالبة بإصلاح التعليم والصحة ومحاربة الفساد.

المظاهرات، التي شهدت منعا من قبل السلطات، شكلت مفاجأة للمتابعين والمحللين، خاصة من خلال شكلها وحجمها ومطالبها، وهو ما طرح أكثر من سؤال عن السياق والمطالب وكيفية التعامل مع هذه الموجة الشبابية.

مطالب الشباب دعت إلى الاهتمام بهم وتوفير فرص عمل، وعدم الاقتصار على دعم المشاريع الخاصة بتنظيم كأس العالم 2030.

** من الشاشة إلى الشارع

قبل أيام انتشرت دعوات هؤلاء الشباب بمنصات التواصل الاجتماعي تدعو إلى تنظيم مظاهرات بعدة مدن، خاصة يومي 27 و28 من سبتمبر/ أيلول الحالي.

و”جيل زد”، هو الجيل الذي ولد ما بين منتصف التسعينات من القرن الماضي، والسنوات الأولى من القرن الحالي، في عز ثورة التكنولوجية الحديثة والإنترنت.

وبعد التطورات والمنع وردود الأفعال، قرر الشباب تنظيم مظاهرات مجددا يوم 29 من نفس الشهر.

وخرج هؤلاء الشباب للشوارع رغم التعزيزات الأمنية، حيث منعت السلطات الأمنية هؤلاء الشباب من تنظيم مظاهرات للمطالبة بإصلاح التعليم والصحة ومحاربة الفساد.

وأوقفت السلطات عدد منهم، حيث يتم إطلاق سراحهم بعد منتصف الليل بعد تحرير محاضر بمخافر الشرطة، وفق حقوقيين.

وبحسب مراسل الأناضول، ومقاطع مصورة بمنصات التواصل الاجتماعي، أوقفت السلطات الأمنية، العديد من الشباب كانوا يعتزمون تنظيم وقفات احتجاجية بعدد من المدن، مثل الرباط والدار البيضاء (غرب) وأغادير (وسط) وطنجة وتيسة (شمال) ووجدة (شمال شرق).

وذكر مراسل الاناضول، أن السلطات الأمنية قامت بمنع الشباب من تنظيم وقفة في ساحة باب الحد وسط الرباط، فضلا عن توقيف بعضهم.

كما أظهرت بعض المقاطع المصورة تفريق وقفات من طرف السلطات الأمنية بكل من الدار البيضاء وأغادير.

** الأمن يتدخل

وفي أول تصريح رسمي، نقلت وكالة أنباء المغرب الرسمية عن مسؤول أمني لم تسمه، إن تدخل القوات العمومية لمنع تجمهرات دعت إليها جهات مجهولة، نهاية الأسبوع الماضي، جاء “وفق مقاربة متوازنة تحرص على صون مرتكزات النظام العام وضمان سلامة القوات والمتجمهرين”.

وأوضح المسؤول أنه “بناء على قرار من السلطات المحلية يقضي بمنع التجمهرات التي دعت إلى تنفيذها بمجموعة من المدن المغربية جهات مجهولة، بناءً على محادثات مجهولة صادرة على مواقع التواصل الاجتماعي، نفذت القوات العمومية يومي السبت والأحد الماضيين البروتوكولات الأمنية الاعتيادية لتنفيذ القرار”.

وشدد على أن الأشخاص الموقوفين خضعوا لإجراءات التحقيق القضائي وفق الشكليات والضمانات المقررة قانونا.

وأشار المسؤول إلى أنه لم يجري خلال التدخلات تسجيل أي إصابات جسدية أو عنف في حق المتجمهرين أو عناصر القوات العمومية، كما لم تسجل أية خسائر مادية بالأملاك الخاصة بالمواطنين أو بالممتلكات العامة، وفق الوكالة.

وأكد على أن السلطات “لن تسمح بتهديد الأمن العام أو الإخلال بمرتكزات النظام العام، من خلال دعوات افتراضية مجهولة انطلقت من مواقع التواصل الاجتماعي ودون سلك للمسار القانوني المنظم للتجمعات العمومية”.

** انجازات الحكومة بالأرقام

رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش، أكد في مقابلة مع التلفزيون الحكومي بتاريخ وفي 10 سبتمبر/أيلول الجاري، أهمية برنامج الدعم الاجتماعي المباشر، مضيفا أنه تمت الاستجابة لـ97 في المئة من الطلبات المقدمة من قبل الأسر الراغبة في الاستفادة من البرنامج.

وأوضح أخنوش أن 4 ملايين أسرة تستفيد اليوم من الدعم المالي، أي ما يعادل 12 مليون مواطن، بينهم مليون شخص فوق سن الـ 60، و5.5 ملايين طفل.

كما أشار إلى تطور ملحوظ في ملف دعم الأرامل، إذ ارتفع عدد المستفيدات من 75 ألفا إلى قرابة 300 ألف أرملة، سواء أكان لديهن أطفال أو بدون.

وفي ما يتعلق بقطاع الصحة، كشف أخنوش عن رفع عدد مقاعد كليات الطب، مشددا على ضرورة توفير الموارد البشرية الكافية، وضمان ظروف العمل المناسبة، حتى لا تضطر الكوادر الطبية إلى مغادرة القطاع العام أو الهجرة للخارج.

واعتبر أخنوش أن حكومته حققت العديد من الإنجازات الاجتماعية والاقتصادية رغم التحديات المناخية الصعبة التي أثرت سلبا على القطاع الفلاحي، أحد أعمدة الاقتصاد الوطني.

** “الصحة أولا مابغيناش” (لا نريد كأس العالم)

وفي المظاهرات، ردد المشاركون شعارات تطالب بإصلاح قطاعي الصحة والتعليم وعدم الاقتصار على مشاريع كأس العالم الذي ينظمه المغرب عام 2030 بشراكة مع إسبانيا والبرتغال.

وذكر مراسل الأناضول، أن المحتجين رددوا شعارات تطالب بربط المسؤولية بالمحاسبة، مثل “الشعب يريد إسقاط الفساد”، و”حرية، كرامة، عدالة اجتماعية”، “ما بغيناش (لا نريد) كأس العالم، الصحة أولا)”.

وفي ديسمبر/ كانون الأول 2024، أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، خلال مؤتمر افتراضي استثنائي، “منح المغرب وإسبانيا والبرتغال، شرف استضافة نهائيات كأس العالم 2030”.‪

ومن المنتظر أن تستضيف 6 مدن مغربية مونديال 2030 وهي: الرباط والدار البيضاء (غرب)، وطنجة وفاس ومراكش (شمال)، وأكادير (وسط).

وقال شاب ضمن المشاركين إن مطالب الشباب اجتماعية، مثل إصلاح التعليم والصحة وتوفير فرص عمل والعيش في ظل حياة كريمة.

وأوضح أن مطالبهم معروفة ويريدون تحقيقها من أجل الحد من الهجرة غير النظامية.

كما ردد الشباب، من خلال شعارات، تطالب الحد من الفساد.

وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، قال الناطق باسم الحكومة مصطفى بايتاس، في مؤتمر صحفي، إن “الحكومة اتخذت عدة إجراءات لمحاربة الفساد خلال الولاية الحكومية، وعلى رأسها إعداد الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد 2016-2025”.

وأبرز أن هذه الاستراتيجية حققت 76 في المئة من أهدافها.

وأضاف أن “التراشق ومحاولة رمي المسؤولية أو الشيطنة لن تخدم البلاد في برنامج محاربة الفساد”‪.

وحسب إحصاءات رسمية، فإن الفساد يلتهم ما بين 5 إلى 7 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد والبالغ نحو 140 مليار دولار.

لكن رئيس الحكومة المغربية، قال في المقابلة ذاتها، إن “من أولويات الولاية الحالية إعادة إحياء سوق العمل، وضخ دينامية جديدة في الدورة الاقتصادية، إلى جانب بعث الأمل في صفوف شرائح واسعة توقفت عن العمل”.

وأسفرت هذه الجهود، بحسب أخنوش، عن إحداث حوالي 600 ألف منصب عمل في فترة وجيزة.

واعتبر أخنوش أن حكومته حققت العديد من الإنجازات الاجتماعية والاقتصادية رغم التحديات المناخية الصعبة.

كما أشار أخنوش إلى أن هذه الإنجازات تحققت رغم التحديات المناخية الصعبة، التي أثرت سلبا على القطاع الفلاحي، أحد أعمدة الاقتصاد الوطني ومصدر العيش الرئيسي لعدد كبير من الأسر، مما أدى إلى فقدان العديد من فرص العمل في هذا المجال الحيوي.

** هيئات وأحزاب تدخل على الخط

عقب اليوم الأول من المظاهرات، دخلت عدة هيئات حقوقية وأحزاب على الخط.

وأدانت هيئات حقوقية (غير حكومية)، في بيانات منفصلة، منع الاحتجاجات السلمية التي دعا إليها شباب “جيل زد” في عدد من المدن المغربية”.

وحملت هذه الهيئات، مثل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، والعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، “الحكومة المسؤولية الكاملة عن تدهور الأوضاع وانتهاك الحقوق الدستورية للمواطنين”.

وأعربت عن “صدمتها وغضبها من لجوء السلطات إلى المقاربة الأمنية واستعمال القوة المفرطة في مواجهة محتجين عزل خرجوا للتعبير عن مطالب اجتماعية واقتصادية مشروعة”.

كما طالبت بالإفراج الفوري عن كافة الموقوفين وفتح تحقيق شامل في الانتهاكات المسجلة.

وأوضحت الهيئات الحقوقية أن “هذه الاحتجاجات، التي نظمها شباب عبر منصات التواصل الاجتماعي، كانت سلمية في طابعها ورفعت مطالب اجتماعية واقتصادية مرتبطة أساسا بالحق في الصحة والتعليم والشغل والعيش الكريم ومكافحة الفساد والغلاء”.

كما انتقد حزب العدالة والتنمية المغربي (معارض)، ما أسماه “الغياب والعجز البين للحكومة، وطريقة التعامل مع هذه الاحتجاجات والتظاهرات الاجتماعية السلمية”.

وفي بيان للحزب، حمل الحزب الحكومة “كامل المسؤولية عن تردي الأوضاع الاجتماعية وتزايد الاحتجاجات والتظاهرات السلمية المطالبة بأبسط الحقوق والخدمات الأساسية التي كرسها الدستور.

ودعا الحكومة إلى ضرورة المسارعة إلى التعامل باستباقية وبجدية وبمسؤولية مع هذه الاحتجاجات والتظاهرات الاجتماعية السلمية.

Anadolu Ajansı

وكالة الأناضول للأنباء

اترك تعليقاً

Your email address will not be published.