وكالة الأناضول
بعد أسبوع من الهدوء بين الجزائر وفرنسا، أعادت حادثة دبلوماسية استجدّت بشكل مفاجئ، علاقات البلدين إلى نقطة الصفر، ما ينذر بتصعيد جديد يُضاف إلى أكثر من 8 أشهر من التوتر الذي شارف أن يصل إلى حد القطيعة.
وطلبت الجزائر رسميا من 12 موظفا في السفارة الفرنسية لديها مغادرة أراضيها خلال 48 ساعة، بحسب ما أعلنه وزير خارجية فرنسا جان-نوال بارو، في وقت سابق الاثنين.
وقال بارو إن بلاده قد ترد بالمثل إذا لم تتراجع الجزائر عن قرار الطرد، مشيرًا إلى أن “الوضع خطير” ويهدد بعرقلة مسار تطبيع العلاقات الثنائية الذي بدأ مؤخّرا.
وجاءت الخطوة من البلد العربي كرد مباشر على توقيف دبلوماسي جزائري في فرنسا، قالت باريس إنه يشتبه في ضلوعه في محاولة اختطاف المؤثر المعارض الجزائري المقيم في فرنسا أمير بوخرص.
وأمير بوخرص مؤثر جزائري ومعروف على المنصات الاجتماعية بتسمية “أمير دي زاد”، يقيم حاليا بفرنسا، وينشر محتويات تنتقد سياسات الحكومة والمسؤولين الجزائريين.
وعقب التوقيف قال مصدر بالخارجية الفرنسية لوكالة “فرانس برس” إن الحكومة لا تستطيع التعليق على قضية اعتقال الدبلوماسي الجزائري بباريس “لكونها بين أيدي القضاء الذي هو سيد ووحده من يمكنه الخوض في الموضوع”.
وكانت الجزائر استدعت السبت السفير الفرنسي لديها ستيفان روماتيه، وبلغته “احتجاجا شديد اللهجة” على خلفية توقيف الموظف القنصلي بمنطقة كريتاي بضواحي باريس.
وعبرت الخارجية الجزائرية عن رفضها القاطع شكلا ومضمونا لقرار السلطات الفرنسية، الذي مس موظفا دبلوماسيا يتمتع بالحصانة القنصلية.
وقال بيان الوزارة حينها إن “القضية لن تمر دون تبعات، وإن الحادثة قد تقوض مسار إعادة بعث علاقات البلدين عقب المكالمة الهاتفية التي جمعت بين رئيسي البلدين نهاية مارس”.
وتُحقق السلطات القضائية الفرنسية في مزاعم عن وجود “قرائن” حول ضلوع جزائريين (لم تحدد هويتهم) في محاولة اختطاف أو ترهيب المعارض المعروف بمواقفه المنتقدة للحكومة والسياسيين الجزائريين، والذي يحظى بمتابعة واسعة على مواقع التواصل.
أزمة بعد آمال بانفراجة
وتأتي هذه الأزمة بعد نحو أسبوع فقط من اتصال هاتفي جمع الرئيس عبد المجيد تبون بنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، وأعاد الأمل بانفراجة واستئناف للحوار السياسي بين البلدين، بعد أكثر من 8 أشهر من التوتر وانقطاع شبه تام لقنوات الاتصال بين الجانبين.
وعقب المحادثة الرئاسية التي جرت في أواخر مارس/ آذار الماضي، زار وزير خارجية فرنسا الجزائر العاصمة في 6 أبريل/ نيسان الجاري، وأعلن عن استئناف جميع آليات التعاون والحوار بين البلدين.
وعلى أثر ذلك، كان من المفروض أن يحل وزير العدل الفرنسي جيرالد دارمانان، هذه الأيام بالجزائر في زيارة عمل تتطرق لعدة ملفات عالقة.
ولا يعرف بعد مصير هذه الزيارة، خصوصا في حال إقدام باريس على الرد بالمثل، كما صرح وزير خارجيتها صباح الاثنين، فضلا عن أن مصير الملفات التي جرى التفاهم بشأنها خلال المحادثة الرئاسية، باتت في حكم المجهول.
وانطلق مسار العلاقات المتوتر بين البلدين شهر يوليو/ تموز 2025، حين أعلن ماكرون دعم فرنسا لمقترح المغرب للحكم الذاتي كحل وحيد في إقليم الصحراء.
وردت الجزائر بسحب سفيرها من باريس ولم يعد حتى اليوم إلى منصبه، وجرى تعيينه لاحقا سفيرا في لشبونة بالبرتغال.
وزادت حدة التوتر بين الطرفين، على خلفية توقيف الكاتب الجزائري الحاصل على الجنسية الفرنسية بوعلام صنصال، منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي بمطار الجزائر العاصمة.
وبينما طالب سياسيون فرنسيون منهم الرئيس ماكرون ورئيس الحكومة وعديد الوزراء، بإطلاق سراح صنصال، الذي إدانته محكمة جزائرية بالسجن 5 سنوات، بالنظر لسنه ووضعه الصحي، ردت الجزائر العاصمة بأن “القضية سيادية وتتعلق بملف بين أيدي القضاء”.
وقبل أيام، توقع عبد العزيز رحابي وهو وزير سابق للاتصال بالجزائر وأيضا دبلوماسي شغل منصب سفير بلاده في مدريد، خلال نقاش بالعاصمة، بأن تستمر أزمة العلاقات بين الجزائر وفرنسا حتى عام 2027، في إشارة إلى الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي ستفرز خليفة لماكرون.
ويتهم سياسيون فرنسيون خصوصا من اليسار، وزير الداخلية الفرنسي الحالي برينو روتايو، المحسوب على اليمين المتطرف، بتأجيج العلاقات مع الجزائر لأهداف انتخابية، من منطلق أن له أطماع في الترشح لرئاسيات 2027.