في مقال رأي نشرته صحيفة واشنطن بوست هذا الأسبوع، اقترح وزير البحرية الأمريكي الأسبق ريتشارد دانتزغ، تعيين إيلون ماسك وفريقه من “إدارة كفاءة الحكومة”، في البنتاغون، وذلك “ليس بهدف خفض التكاليف”، بل لـ”زيادة فعالية” أنظمة أسلحتنا. يعتقد دانتزغ أن “أولويتنا الأمنية القومية الأولى يجب ألا تتمثل في خفض التكاليف”. أما أنا فأعتقد أنه يمكننا تحقيق الهدفين معًا.
لدى ماسك سجل حافل في مجالات الفضاء والسيارات فيما يتعلق بمسألة “استخدام التكنولوجيا لحل المشكلات القديمة بطرق جديدة”. ومع ذلك، فإن لديه تضاربًا كبيرًا في المصالح، حيث يجني مليارات الدولارات لنفسه من مِنح البنتاغون ويدعم زيادة الإنفاق الدفاعي. تنفق الولايات المتحدة على الدفاع الوطني ما يعادل كل ما تنفقه بقية دول العالم مجتمعة. وفي الوقت الحالي، تنفق الولايات المتحدة ما يقرب من 900 مليار دولار للبنتاغون، بالإضافة إلى 400 مليار دولار أخرى في مؤسسات رئيسية مثل إدارة شؤون المحاربين القدامى، ووزارة الأمن الداخلي، ووزارة الطاقة، ومجتمع الاستخبارات. يمكن توفير مئات المليارات من الدولارات من خلال تخفيضات معقولة في عمليات شراء الأسلحة وإغلاق عدد من القواعد والمنشآت العسكرية المنتشرة في جميع أنحاء العالم. تمتلك الولايات المتحدة أكثر من 700 قاعدة ومنشأة عسكرية في جميع أنحاء العالم. بينما تمتلك الصين قاعدة واحدة فقط في الخارج في القرن الأفريقي، وتمتلك روسيا قاعدتين في سوريا تواجهان تهديدات من الحكومة الجديدة في دمشق التي حلت محل الحكم الاستبدادي لعائلة الأسد والذي دام 55 عاما.
يجب فحص كل جانب من جوانب ميزانية البنتاغون، بما في ذلك البحث والتطوير، والتوريد، والعمليات والصيانة، والبنية التحتية، للبحث عن فرص توفير إضافية. تقليص زيادات رواتب العسكريين سيوفر 17 مليار دولار، وتجميد رواتب موظفي وزارة الدفاع المدنيين لمدة ثلاث سنوات سيوفر 15 مليار دولار. هناك عاملان إضافيان يتمثلان في تكاليف العمليات والتوريد، اللذان كانا خارج السيطرة على مدى السنوات الماضية. وثمة تكاليف لوجستية هائلة في نقل المعدات العسكرية إلى قواعدنا، خاصة في البلدان ذات البنية التحتية اللوجستية المحدودة.
خلص مكتب الميزانية في الكونغرس (CBO) على مر السنين إلى أن “تكاليف تطوير وشراء الأسلحة كانت تاريخيًا أعلى بنسبة 20-30 بالمئة في المتوسط” من تقديرات البنتاغون. يتم إنفاق عشرات المليارات سنويًا على أنظمة تعود إلى حقبة الحرب الباردة ولا تتناسب مع احتياجات القرن الحادي والعشرين. طائرة “إف-35” المقاتلة، وهي برنامج مكلف ومثير للجدل، كانت معقدة للغاية لدرجة أنه لا يمكن استخدامها في العراق أو أفغانستان. لا يوجد مثال أفضل على تحذير الرئيس أيزنهاور بشأن المجمع الصناعي العسكري من تاريخ توريد طائرة “إف-35” المقاتلة المشتركة.
ومثل طائرة “في-22 أوسبري” التابعة لمشاة البحرية، كان برنامج “إف-35” مليئًا بالمشكلات، مع تجاوزات في التكاليف، وسوء إدارة عسكرية، وغياب الرقابة السياسية. الجيل الجديد من الطائرات المسلحة بدون طيار وكذلك الصواريخ الكروزية فائقة السرعة لديها استخدامات أكثر — وتكاليف أقل — من عدة آلاف من الطائرات المقاتلة المعقدة. لم يكن ينبغي أبدًا بناء نماذج “إف-35” الخاصة بالبحرية ومشاة البحرية. ومع ذلك، فإن الطائرة بدون طيار تمثل نفس المشكلة لسلاح الجو (بدون طيارين) التي مثلتها الغواصات الاستراتيجية للأدميرال هايمان ريكوفر بالنسبة للبحرية (طواقم أصغر، وضباط أقل).
وجود مشاة البحرية نفسه يثير التساؤلات. لم تقم مشاة البحرية بعملية إنزال برمائي منذ الحرب الكورية، أي منذ أكثر من 70 عامًا، وهي العملية الوحيدة من نوعها منذ الحرب العالمية الثانية. لا توجد دولة أخرى في العالم لديها مثل هذا الفيلق من حيث العدد والقدرات. حاول الرئيس جورج إتش. دبليو. بوش، ووزير الدفاع ديك تشيني، إنهاء برنامج أوسبري التابع لمشاة البحرية قبل 35 عامًا. ووفقًا لريتشارد ويتل، مؤلف الكتاب المرجعي عن أوسبري، فإن رد فعل مشاة البحرية “كان على شفا العصيان”. وقد أثار مكتب المحاسبة العام تساؤلات جدية حول قدرتها على العمل في “عمليات عالية التهديد”. وفي الوقت نفسه، تبلغ ميزانية مشاة البحرية ما يقرب من 55 مليار دولار.
سيكون المفتاح لتوفير التكاليف في مجال الدفاع هو تقليل القوات النووية. أحد أفضل الأسرار الدفاعية المحفوظة على مدى الـ75 عامًا الماضية هو التكلفة العالية لإنتاج وصيانة الأسلحة النووية. لقد خصصنا أكثر من 7 تريليونات دولار للأسلحة النووية، وهو ما يمثل ربع إلى ثلث إجمالي الإنفاق الدفاعي، وقد تم تخصيص تريليون دولار أخرى للسنوات السبع القادمة. عندما بدأت الولايات المتحدة في تطوير الأسلحة النووية لأول مرة، أكد المجمع الصناعي العسكري (بشكل خاطئ) أن الاستثمار الضخم في الأنظمة النووية سيوفر التكاليف بشكل عام لأنه سيسمح بجيش وبحرية أصغر. وفي الوقت نفسه، أصبح جيشنا (180 مليار دولار) وبحرتنا (230 مليار دولار) أكبر وأكثر تكلفة على دافعي الضرائب.
بينما تسعى إدارة ترامب إلى تدمير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وبرامج المساعدة الاقتصادية الهامة، تستمر برامج المساعدة العسكرية المختلفة في النمو. تهيمن الولايات المتحدة على بيع الأسلحة في الخارج، وهو ما يمثل جانبًا آخر من المجمع الصناعي العسكري الكونغرسي. تحصل إسرائيل ومصر على 4 مليارات دولار من المساعدات العسكرية، على الرغم من أن انتهاكاتهما الخطيرة لحقوق الإنسان يجب أن تمنع حصولهما على أي مساعدة عسكرية أمريكية. أحد أهداف المساعدة العسكرية هو المساهمة في الاستقرار الإقليمي، وهو ما لم يتحقق في الشرق الأوسط. كانت المساعدة العسكرية غير فعالة بشكل خاص في مجال الحرب على الإرهاب.
بعد 65 عامًا من تحذير أيزنهاور بشأن المجمع الصناعي العسكري، يتعين على الولايات المتحدة أن تواجه نفسها فيما يخص زيادة دور الجيش، وثقافة الإنفاق العسكري التي أصبحت مقدسة، والقواعد الأمريكية المنتشرة في جميع أنحاء العالم. لم يكن تحذير أيزنهاور بشأن مخاطر نزعتنا العسكرية التي أطلق عليها “الصليب الحديدي” أكثر وضوحًا أو أكثر تهديدًا لنمط الحياة الأمريكي من أي وقت مضى.
أخيرًا، ماذا سيحدث للإنفاق الدفاعي إذا نفذ ترامب خططه بشأن كندا، وغرينلاند، وقناة بنما، والآن غزة؟ أما بالنسبة لإرسال إيلون ماسك وأولاده إلى البنتاغون: ما الذي يمكن أن يسير بشكل خاطئ؟
ميلفين أ. غودمان؛ هو زميل أول في مركز السياسة الدولية وأستاذ الحكومة في جامعة جونز هوبكنز. غودمان، محلل سابق في وكالة الاستخبارات المركزية، ومؤلف كتب؛ “Failureof Intelligence: The Decline and Fall of the CIA”، و”National Insecurity: The Cost of American Militarism”، و”A Whistleblower at the CIA”. أحدث كتبه هي “American Carnage: The Wars of Donald Trump (Opus Publishing, 2019)”، و”Containing the National Security State (Opus Publishing, 2021)”. غودمان هو كاتب عمود الأمن القومي في موقع counterpunch.org.
المصدر: counterpunch.org