تهديدات ترامب بشأن غزة تستهدف تركيا أيضًا

إذا اختار ترامب الخيار الأول، فإن ذلك يعني دعم سياسات معادية لتركيا، وإعادة توجيه إرهاب "بي كي كي" و"داعش" نحو تركيا، وتخريب عملية الثورة السورية لتأسيس النظام في البلاد عبر قوات "واي بي جي" الإرهابية، وتحريض الجبهة الانقلابية-الطائفية-القومية (تحالف 28 فبراير/غيزي/15 يوليو) على الفوضى السياسية مرة أخرى، ووضع سيناريوهات مختلفة تستهدف أردوغان.
21/02/2025
image_print

خطة ترامب تجاه غزة: هل هي خطوة لكسب دعم اللوبي الصهيوني؟

بعد اجتماعه مع نتنياهو في البيت الأبيض، أعلن ترامب في مؤتمر صحفي أن غزة يجب أن تُسلّم إلى الولايات المتحدة، ودعا إلى تطبيق استراتيجية ملكية طويلة الأمد للمنطقة. كما أشار إلى أن إعادة توطين الفلسطينيين في دول مجاورة مثل مصر والأردن قد يكون أكثر ملاءمة.

يبدو أن عملية تعيين أعضاء الكابينة في النظام الرئاسي الأمريكي وتحديد الإدارة الجديدة ستجلب معها توازنات سياسية مهمة. هل يمكن قراءة التصريحات الأخيرة لترامب حول قطاع غزة كانعكاس لهذه الحسابات السياسية؟ يمكن اعتبار أن هذه التصريحات قد تكون قد صدرت بهدف كسب دعم اللوبي الصهيوني المؤثر في الإدارة الأمريكية وبناء توازن قوى فعال في بعض التعيينات.

هذه التصريحات، وإن كانت غير مقبولة إطلاقا من منظور القانون الدولي والديناميكيات الإقليمية، قد تكون أيضًا نذيرًا بتحول الاضطرابات التي دخلت فيها الولايات المتحدة مع ترامب إلى صراعات وكوارث عالمية جديدة.

خطة ترامب تجاه غزة: هل هي فانتازيا “هرمجدون”؟

في ولايتها الأولى، نفذت إدارة ترامب سياسات أبقت العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل في أقوى مستوياتها التاريخية. فقرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، والاعتراف بمرتفعات الجولان على أنها أرض إسرائيلية، ومحاولة تغيير التوازنات الدبلوماسية في المنطقة عبر اتفاقيات إبراهيم، كلها أظهرت مدى استباقية الموقف الذي تبناه ترامب في هذا الصدد.

بالنظر إلى القوة المالية والسياسية الكبيرة للوبي اليهودي في الولايات المتحدة، يمكن اعتبار أن رغبة ترامب في إرضاء هذه الفئة هي خطوة منطقية.

يطالب ترامب بتحويل غزة إلى مركز دولي بعد تدميرها، ولكن يبدو أن تحقيق هذه الفكرة احتمال ضعيف للغاية. كما أن دعم المجتمع الدولي لمثل هذا المشروع من عدمه يبقى موضوعًا منفصلًا. علاوة على ذلك، فإن سيطرة الولايات المتحدة عسكريًا وسياسيًا على غزة قد يؤدي إلى إشعال حرب جديدة في المنطقة.

تحالف ترامب-نتنياهو قد يستهدف تركيا أيضًا

خلال فترة رئاسته، انتقد ترامب سياسات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وشدد على الأخطاء المرتكبة في احتلالها للعراق وأفغانستان، وأعلن عن نيته الانسحاب من سوريا. كما انتقد ترامب بين الحين والآخر وحشية نتنياهو، الذي حوّل إسرائيل واليهود إلى قوة ملعونة في العالم من خلال احتلال غزة. كان التأثير المسيحي الصهيوني (الإنجيلية) داخل النظام الأمريكي يدعم إسرائيل بشكل غير مشروط، ولكن ردود فعل الرأي العام بعد حرب الإبادة الجماعية التي بدأت على خلفية 7 أكتوبر، خلقت توقعات بسياسة معادية لنتنياهو. كما تم تفسير عملية وقف إطلاق النار في غزة التي بدأت تحت الضغط الأمريكي على أنها تطور يدعم هذا الاتجاه.

أما الآن، فقد تم تفسير الدعوة الأولى التي وجهها ترامب لنتنياهو بعد توليه الرئاسة، وخطابه اللاحق الشبيه بخطاب نتنياهو، على أنها إشارة إلى سياسة مختلفة. بعد التصريحات المثيرة للجدل التي أدلى بها ترامب حول بنما وكندا وكولومبيا وأوكرانيا والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وغرينلاند، أثار اتخاذه موقفًا صهيونيًا متطرفًا حول غزة قلق الرأي العام الدولي.

اختيار ترامب سيحدد مصير الولايات المتحدة أيضًا

إن تصرفات نتنياهو، سواء من خلال حشد القوات في هضبة الجولان ضد الثورة السورية وتحريض الدروز ضد الثورة، أو دعم “بي كي كي/ واي بي جي” واتخاذ موقف حربي واضح ضد تركيا وسوريا، تدفع سياسة الشرق الأوسط لدى ترامب نحو اتخاذ موقف يتمحور بشكل متزايد حول العلاقات مع تركيا. فهل ستواجه الولايات المتحدة بقيادة ترامب، حليفتها تركيا، العضو في الناتو، وتقدم الدعم غير المشروط لنتنياهو ووحشيته الصهيونية، أم أنها ستُبقي دعمها للوبي الصهيوني مقتصرا على مستوى المجاملة وتفضل تطوير علاقاتها مع تركيا باعتبارها قوة وإرادة صانعة للنظام في الشرق الأوسط؟

إذا اختار ترامب الخيار الأول، فإن ذلك يعني دعم سياسات معادية لتركيا، وإعادة توجيه إرهاب “بي كي كي” و”داعش” نحو تركيا، وتخريب عملية الثورة السورية لتأسيس النظام في البلاد عبر قوات “واي بي جي” الإرهابية، وتحريض الجبهة الانقلابية-الطائفية-القومية (تحالف 28 فبراير/غيزي/15 يوليو) على الفوضى السياسية مرة أخرى، ووضع سيناريوهات مختلفة تستهدف أردوغان.

هذا الاختيار سيظهر أيضًا ما إذا كانت فانتازيا “هرمجدون” الصهيونية، التي تستخدم الولايات المتحدة كرأس حربة لإشعال النار، ليس فقط في فلسطين والشرق الأوسط بل في العالم كله، هي عبارة عن نظرية مؤامرة أم أنها ابتزاز لفاشية آرية يتم الاحتفاظ بها صدارة الأجندة للتحكم بالعالم.

Bekir Gündoğdu

بكر غوندوغدو
باحث - كاتب. عمل على مستويات مختلفة في السياسة والمجتمع المدني والإعلام. يواصل العمل حاليًا كمحرر في مجال الإعلام الجديد وناشر على الإنترنت.
البريد الإلكتروني: [email protected]

اترك تعليقاً

Your email address will not be published.