صنع العدو: كيف تقتل بضمير مرتاح

يُعتبر بناء العدو عملية معقدة تتداخل فيها العوامل الاجتماعية والسياسية، حيث تلعب النخب السياسية والثقافية دورًا محوريًا في تشكيل صورة العدو والترويج للحرب. ومن المثير للاهتمام أن الأنظمة الدكتاتورية قد لا تمتلك بالضرورة نوايا عدائية تجاه جيرانها، في حين أن بعض الدول الديمقراطية، رغم ادعائها الالتزام بالسلمية والمساواة، قد تبني طموحاتها المستقبلية على التوسع في النفوذ والاستعداد للحرب.
14/03/2025
image_print

قال ارباتوف مستشار الرئيس السوفياتي غورباتشوف للغرب: “سنسدي إليكم أسوأ أنواع الخدمات، سنحرمكم من وجود عدو.”

يقول كارل شميت: إن تعريف العدو هو وظيفة السياسي الأولى.

تُظهر بعض الأحداث التاريخية كيف يمكن للإنسان أن يتحول إلى كائن قادر على ارتكاب أعمال وحشية دون أي شعور بالذنب، بل بفخر أحيانًا. في بعض الحالات، يُقتل الأبرياء ليس لأسباب منطقية، بل لمجرد وجودهم في المكان والزمان الخطأ. خذ على سبيل المثال المذبحة السورية الممتدة خلال ١٤ سنة ، المجازر التي افتعلها النظام العلوي الرافضي  في القرى والمدن السورية السنية من التفنن في قتل النساء والاطفال والشيوخ، تم إعدامهم بدم بارد وبطريقة منهجية. أُلقيت جثثهم في حفر أُعدت مسبقًا ، ثم أُحرقت باستخدام إطارات سيارات وُضعت في قاع الحفرة. ما يزيد من فظاعة الحدث أن الجناة قاموا بتصوير العمليات هذه بتفاصيل دقيقة، بل والتقطوا صورًا تذكارية مع الجثث مبتسمين، وكأنهم يحتفلون بإنجازهم. حتى أنهم لم يخفوا وجوههم.

هذه المذبحة لم تكن حدثًا عابرًا، بل جزءًا من سلسلة عمليات إعدام جماعية تم تنفيذها في مناطق مختلفة من سوريا، مثل ريف حماة، وحمص، وكرم اللوز، والحولة، وداريا، ودرعا، وحلب، ودير الزور، وريف دمشق. كانت هذه المجازر جزءًا من استراتيجية ممنهجة اتبعها نظام الأسد والمليشيات التابعة له لقمع الانتفاضة الشعبية، حيث تم تدمير البشر والحجر بشكل منهجي. هذه الأحداث تطرح تساؤلات عميقة حول كيفية تحول الإنسان إلى وحش يفقد كل قيمه الإنسانية، وكيف يمكنه العودة إلى حياته الطبيعية بعد ارتكاب مثل هذه الفظائع.

لكل مجزرة سياقها الخاص، سياسيًا واجتماعيًا ونفسيًا. عملية الإبادة لا تحدث فجأة، بل هي نتيجة لسلسلة من الإجراءات المخطط لها مسبقًا. غالبًا ما يتم تحميل المسؤولية ليس فقط للقاتل المباشر، بل أيضًا لمن هيأ الظروف وشجع على ارتكاب الجريمة. الإبادة الجماعية تتطلب أيديولوجيا تشيطن الضحية، وتصورها على أنها خطر يهدد المجتمع، سواء كان ذلك من خلال وصفها بالجراثيم أو الحشرات أو الطابور الخامس. على سبيل المثال، في العالم العربي، استخدمت الأنظمة مصطلحات مماثلة، حيث وصف القذافي معارضيه بالجرذان، ووصف بشار الأسد المتظاهرين بالجراثيم.

جزء أساسي من عملية الإبادة هو تجريد الضحية من إنسانيتها، مما يسهل على القاتل التخلص من أي شعور بالذنب أو التعاطف. الضحية تُخرج من دائرة الواجبات الأخلاقية، مما يجعل قتلها أمرًا مقبولًا بل وضروريًا. هذا التجريد من الإنسانية هو استراتيجية تستخدم في جميع حالات القتل الجماعي، حيث يتم تحويل العنف من فعل مرفوض إلى واجب أخلاقي، بل وبطولي في بعض الأحيان. يتم ذلك من خلال سرديات قومية أو وطنية أو طائفية تُستخدم لتبرير العنف وجعله مقبولًا اجتماعيًا.

لا يمكن للعنف الجماعي أن يستمر دون وجود ذخيرة عاطفية تُبقي الجماهير في حالة من الغضب والخوف. هذه العواطف تُستخدم لإلغاء عمل العقل وتبرير العنف، مما يضمن استمرار تدفق الموارد المالية والبشرية لدعم العمليات العسكرية. الإعلام يلعب دورًا محوريًا في هذه العملية، حيث يعمل على تصوير الضحايا كتهديد وجودي، مما يبرر العنف ضدهم. في حالة سوريا، استخدم إعلام النظام مصطلحات تشيطن المعارضين وتصورهم كخطر يهدد الوطن، مما ساهم في تبرير المجازر التي ارتكبت ضدهم.

في النهاية، الإبادة الجماعية ليست مجرد حدث عابر، بل هي عملية معقدة تتطلب تخطيطًا مسبقًا وتجييشًا للعواطف وتبريرًا أيديولوجيًا. العنف لا يحدث في فراغ، بل هو نتيجة لسياقات سياسية واجتماعية ونفسية تُهيئ الأفراد والمجتمعات لقبول ما كان يُعتبر في السابق غير مقبول.

هذه مقدمة اردت أن ابدأ بها الحديث عن كتاب “صنع العدو، كيف تقتل بضمير مرتاح” هو كتاب مهم في علم نفس الإبادة والقتل, ويمكن ان تدرجه أيضا ضمن علم علم الإجتماع السياسي, الكتاب هذا عبارة عن دراسة وتحليل ورصد للأساليب التي تنتهجها الدولة والسياسيين لتقنع أناسها بأهمية مواجهة العدو, وكيف أن الدول المعاصرة أصبحت تتفنن في استخدام هذه الأساليب وفي خلق أعداء وهميين , في جعل وتحويل أناس أو شعوب أو حركات او أحزاب أعداء للشعوب في حين انهم ليسوا كذلك

لكن قبل أن أشرع في تحليل ومراجعة الكتاب يجدر بي أن اُعرِّج على ذكر المؤلف,

المؤلّف هو بيير كونيسا (Pierre Conesa) دبلوماسي أكاديميٌّ فرنسيٌّ عمل محاضرًا في التاريخ المعاصر في الجامعة الفرنسية ومحاضرا في معهد الدراسات السياسية وعمل مديرا عاما في الشركة الأوروبية للذكاء الإستراتيجي , وعمل أيضا في وزارة الدفاع الفرنسية في منصب مساعد مدير لجنة الشؤون الاستراتيجية في وزارة الدفاع الفرنسية, وله

العديد من كتب، منها “العالم الحاليّ، دليل الجنّة”، والذي صدر عام 2004، و”آليات الفوضى انتشار استراتيجيّة بوش” والذي صدر عام 2007، إضافة إلى كتابه: د. “سعود”، والسيّد “جهاد” الدبلوماسية الدينيّة السعوديّة، الصادر عام 2016، وكتاب: هوليود “سلاح الدعاية الجماعية” الصادر عام 2018.

أما كتابه  “صنع العدو، كيف تقتل بضمير مرتاح” فيتألّف من مقدّمة وثلاثة أقسام، ويتفرّع كل قسمٍ إلى فصولٍ ومباحثَ مختلفة، توزّعت على 317 صفحة.

في مقدمة الكتاب، يوضح بيير الهدف من تأليفه والأسباب المعرفية التي دفعته إلى طرح هذا الموضوع. ثم يتناول في القسم الأول من الكتاب استراتيجيات تحديد الأعداء تحت عنوان “ما العدو”، حيث يستعرض طبيعة العدو ودور المثقفين والمفكرين والسياسيين في صناعته. ويشير إلى أن الدول المعاصرة غالبًا ما تحتاج إلى أعداء لتعزيز هويتها وتوحيد صفوفها، موضحًا أن التفكير الاستراتيجي التقليدي لا يهتم بالعدو إلا عند الحاجة إلى الحرب. كما يبرز أن صناعة العدو تعتمد على مفاهيم اجتماعية أكثر من كونها قانونية، سواء كان العدو خارج الدولة أو داخلها، خاصة عندما تنظر جماعة ما إلى الآخر المختلف على أنه تهديد يجب القضاء عليه.

في القسم الثاني، يتطرق بيير إلى تصنيف الأعداء وتنوع أشكالهم تحت عنوان “وجوه العدو: محاولة تصنيف”. يعرض أنواعًا مختلفة من الأعداء في حالات الحرب والسلم، مدعمًا كل نوع بأمثلة واقعية. ويؤكد أن التصنيفات التي يقدمها ليست نهائية، وأن نماذج الأعداء التي يعتمدها ليست نقية تمامًا، إذ غالبًا ما يكون العدو مزيجًا من عدة تصنيفات. ومع ذلك، اضطر إلى وضعها ضمن فئات محددة لأغراض بحثية.

أما في القسم الثالث، فيناقش بيير فكرة “تفكيك العدو” باعتباره بنية مصنوعة أو حقيقية، مما يعني أنه قابل للتفكيك دائمًا. ويطرح إمكانية عيش المجتمعات دون أعداء، لكنه يشير إلى أن التحدي الأكبر يكمن في توضيح كيفية تحقيق ذلك. يستعرض في هذا الفصل عددًا من التجارب العالمية في المصالحات وطرق الخروج من حالات الحرب، مع التأكيد على أهمية الخطاب الرافض للحرب، حتى لو كان من طرف واحد.

والآن لنتكلم بتوسع قليلا عن استراتيجيّات صناعة العدوّ

يبدأ المؤلف كتابه باقتباس للشاعر الفرنسي هنري ميشو، الذي يلخص فكرة أن تحديد الأعداء والأصدقاء يمثل آلية ضرورية قبل شن الحرب. ويشير إلى أن الحروب، رغم كونها أسوأ الحلول، غالبًا ما تكون الخيار الذي يلجأ إليه الناس. ويسعى المؤلف إلى فهم العقلية التي تجعل العنف مقبولاً، حيث تُمنح الحرب شرعية لقتل أشخاص قد نعرفهم أو لا نعرفهم، كما يحدث في الحروب الأهلية، حيث يتحول الجيران فجأة إلى أعداء يجب تعقبهم والقضاء عليهم.

لا يقدم المؤلف طريقة محددة للقتل، لكنه يركز على تحليل كيفية نشوء علاقات العداوة وتشكيل الصورة الذهنية للعدو قبل اندلاع الحروب. يعتمد في ذلك على فرضية أن الحروب الحديثة هي حروب ديمقراطية تتطلب تعبئة الرأي العام أولاً. ويهدف الكتاب إلى كشف الآليات التي تجعل القتل مقبولاً، سواء كانت هذه الآليات دينية أو قومية أو إيديولوجية أو سياسية، مع تحليل العوامل المعقدة التي تسمح للمحارب بالشعور بالراحة النفسية أثناء قتل “العدو”.

يركز تحليل المؤلف على كيفية صناعة العداوة وتحويل العنف إلى فعل شرعي ومقبول. يرى أن للعدو دورًا حيويًا في المجتمعات المعاصرة، سواء كعامل لتوحيد الأمة وتعزيز قوتها، أو كوسيلة للسلطة السياسية لتحويل الانتباه عن المشاكل الداخلية. ويشير إلى أن حرمان الخصم من وجود عدو يمكن أن يكون أسوأ خدمة تُقدم له.

منذ انتصار الثورة الفرنسية، لم يعد الملك هو صاحب القرار الوحيد في شن الحرب أو إعلان السلام، بل أصبح تحشيد الرأي العام عاملاً حاسمًا في نجاح هذه العمليات. ويؤكد المؤلف أن تفسير الحروب على أنها مجرد لعبة لتجار السلاح أو مصلحة رأسمالية هو تفسير اختزالي لا يكفي لفهم أسباب الحروب في القرنين العشرين والحادي والعشرين. ويشير إلى أن مهمة الباحثين والمحللين الاستراتيجيين بعد انهيار الاتحاد السوفييتي كانت تتمحور حول إنشاء مفاهيم وأعداء جدد بشكل مصطنع وظرفي.

يتطلب صنع العدو عدة مراحل، بدءًا من إنشاء أيديولوجيا استراتيجية محددة، مرورًا بصناعة خطاب يوجه أفكار الجمهور، واستخدام صناع الرأي لتأكيد هذه الأفكار، ووصولاً إلى امتلاك آليات القوة لتنفيذ العنف. هذه العملية المعقدة تهدف إلى جعل العنف مقبولاً وشرعيًا في أعين المجتمع.

على مدى خمسين عامًا، كان تحليل النزاعات الدولية محكومًا بمنطق الثنائية القطبية، حيث سيطرت المواجهة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي على المشهد العالمي. إلا أن انهيار الاتحاد السوفييتي في أواخر القرن العشرين دفع الباحثين إلى تبني تفسيرات إقليمية ومحلية لفهم النزاعات، كما حدث في يوغوسلافيا والصومال ورواندا، حيث برزت صراعات داخلية ومعقدة تتطلب تحليلاً مختلفًا عن النماذج السابقة.

قبل الخوض في تحليل النزاعات، يشير الكاتب إلى ضرورة تعريف “العدو” من زوايا متعددة، بما في ذلك الجوانب الفكرية والقانونية والاجتماعية. ويبدأ رحلته الفكرية باستعراض آراء الفيلسوف الإنجليزي توماس هوبز، الذي يرى أن الحرب حالة طبيعية للإنسان، وأن الميل إلى العنف هو سمة فطرية. ويؤكد هوبز أن ضبط هذا الميل يتطلب وجود نظام قوي يفرض على الأفراد العيش في إطار اجتماعي منظم. وقد اشتهر هوبز بمقولته: “الإنسان ذئب للإنسان”، معتبرًا أن البشر، في غياب نظام ضابط، يعيشون في حالة حرب دائمة “ضد الجميع”. هذا الرأي يُعتبر نقدًا مباشرًا لأرسطو، الذي كان يرى أن الإنسان كائن سياسي بطبعه، يميل إلى التعاون والعيش المشترك.

في المقابل، ينتقد جان جاك روسو وجهة نظر هوبز، معتبرًا أنها تشوه طبيعة البشر. ويوضح روسو أن العداء بين البشر ليس حالة دائمة، بل هو ظرفي وينشأ في فترات الحروب بين الدول، حيث يتحول الأفراد إلى جنود أو ضحايا، دون أن يكون هذا العداء جزءًا من طبيعتهم الأساسية.

يتطرق الكاتب أيضًا إلى أفكار مجموعة من المفكرين الذين عاصروا الحربين العالميتين والحرب الباردة، حيث ركز هؤلاء على تبرير الحرب كوسيلة لتحقيق العدالة. ومع ذلك، يلاحظ أن الفكر الاستراتيجي المعاصر لا يعير اهتمامًا كبيرًا لمسألة العدالة في الحرب، ولا يحاول فهم طبيعة العدو قبل الدخول في صراع معه. ويبرز هنا اسم غاستون بوتول، الذي أدخل “علم الحرب” كجزء من علم الاجتماع، وحاول تحليل أسباب الحرب من منظور بنيوي، معتبرًا إياها نتاج إرادات جماعية وقيم اجتماعية.

على النقيض من ذلك، قدم الفكر الماركسي تفسيرًا مبسطًا للحرب، معتبرًا إياها امتدادًا للصراع الطبقي، حيث جعل من البرجوازية العدو الموحد للطبقات العاملة. غير أن هذا التفسير تعرض لانتكاسة مع تحول التحالف بين الصين والاتحاد السوفييتي إلى عداء، حيث برزت نزاعات حدودية ومحاولات من الزعيم الصيني ماو لتشكيل جبهة عالمية ضد الاتحاد السوفييتي والغرب الرأسمالي.

من جهة أخرى، يرى الكاتب أن المفكرين الاستراتيجيين المعاصرين لم يبذلوا جهدًا كافيًا لفهم كيفية تحديد المجتمعات لأعدائها، بل ركزوا على وصف الحرب كاستمرار للسياسة بوسائل أخرى. هذا التوصيف قد ينطبق على الحروب بين الدول المجاورة، لكنه لا ينطبق على الحروب الأهلية أو الإبادة الجماعية أو النزاعات الدينية.

ويشير الكاتب إلى أن الفكر الاستراتيجي يميل إلى التركيز على الجوانب الظاهرية، مثل الهياكل البنيوية والخطط العسكرية، دون الغوص في الأعماق الفلسفية أو الاجتماعية. فعلى سبيل المثال، تركز التقارير الاستراتيجية على وصف حالة القوات العالمية من حيث العتاد والتوزيع، لكنها غالبًا ما تتجاهل تصنيف الولايات المتحدة كعدو، رغم أن إنفاقها العسكري يشكل نصف الإنفاق العسكري العالمي منذ عام 1991.

ويختتم الكاتب بالإشارة إلى أن العدو ليس معطىً ثابتًا، بل هو خيار يتطلب تحديدًا واضحًا. وهذا ما أكده الفيلسوف كارل شميت، الذي رأى أن تحديد العدو ومحاربته هو الطريق المثالي لتحقيق الوجود السياسي. ومع ذلك، فإن نظريات شميت تعاني من قصور في آليات اختيار العدو وتبرير هذا الاختيار.

أخيرًا، يتناول الكاتب تأثير الفيلسوف البنيوي ليو شتراوس على مفكرين مثل وليام كريستول وبول ولفوفيتز، الذين شغلوا مناصب مهمة في إدارة جورج بوش الابن. وقد استخدم هؤلاء المفكرون مبررات فلسفية وأخلاقية لتسويق مفهوم الحرب الاستباقية، والتي تم تطبيقها في حرب العراق، حيث تم تصنيف الدول المعارضة لأمريكا كأعداء محتملين، مما أدى إلى خلط بين تصنيفات الخصوم والمنافسين والأعداء.

تلجأ الدول، خلال العمليات العسكرية الموجهة لمواجهة تهديدات معينة، إلى إلصاق أوصاف محددة بأعدائها تهدف إلى تجريدهم من هويتهم القانونية، مثل وصفهم بالثوار أو المتمردين أو الإرهابيين أو المتطرفين أو المخربين. هذه التوصيفات تُستخدم لتبرير التعامل معهم بأقل قدر من الحقوق، سواء أثناء النزاع المسلح أو عند أسرهم.

في هذا الإطار، تبرز إشكالية قانونية تتعلق بمعاملة المدنيين الذين يشاركون في الأعمال القتالية ضد قوات دولة محتلة لأراضيهم. ففي بعض الأحيان، يتم تصنيف هؤلاء الأفراد كمجرمين ومحاكمتهم بموجب قوانين محلية أو تشريعات خاصة، أو حتى من خلال ابتكار فئات قانونية جديدة غير معترف بها دوليًا. على سبيل المثال، ابتكرت الولايات المتحدة فئة “المحارب غير الشرعي”، وهي فئة غير موجودة في القانون الدولي، لتبرير احتجاز وتعذيب عدد كبير من المعتقلين، بما في ذلك أطفال مثل عمر خضر، الذي تم احتجازه في معتقل غوانتانامو. تم تبرير هذا الاحتجاز بادعاءات عامة مثل الاتهام بالإرهاب دون تعريف واضح لهذا المصطلح، أو بمجرد مشاركة المعتقل في قتل جندي أمريكي خلال الحرب.

من الصعب قبول فكرة أن قوانين الحرب تُطبق بشكل عادل على جميع أطراف النزاع. في الواقع، غالبًا ما تكون هذه القوانين أحادية الجانب، تعكس منطق هيمنة القوي على الضعيف. ففي حين يتمتع جنود الطرف الأقوى بحصانة من العقاب، فإن تطبيق هذه القوانين يكون انتقائيًا ومحدودًا. بل إنها تتوسع أحيانًا لتمنح حصانة لجهات غير تقليدية، مثل الشركات الخاصة العاملة في المجال الأمني، كما حدث مع الشركات الأمنية الأمريكية في العراق، مما يعكس مفارقة صارخة في تطبيق العدالة خلال النزاعات المسلحة.

لم تنجح التفرعات القانونية والسياسية في تقديم تعريف واضح للعدو، مما دفع إلى اللجوء إلى الفلسفة وعلم الاجتماع لفهم هذا المفهوم بشكل أعمق. يُعتبر العدو ضرورة اجتماعية في كثير من الأحيان، حيث يُصوَّر كجزء من المخيال الجمعي للجماعات، بغض النظر عن انتماءاتها. فـ”العدو” هو الآخر الذي يتم تشويه صورته وتصويره كتهديد، مما يجعل استخدام العنف ضده يبدو مشروعًا. ويشير الفيلسوف جان فرنسوا بايار في كتابه “وهم الهوية” إلى أن الوقائع السياسية ليست بسيطة أو مباشرة، بل تخضع لتفسيرات تعتمد على عوامل معرفية وعاطفية ورمزية تختلف باختلاف المجتمعات. وبالتالي، فإن صناعة العدو تُستخدم كآلية لتوحيد الجماعات وتعزيز الهوية القومية، حيث يصبح العدو كيانًا يُضحَّى به لصالح الجماعة.

تُظهر العلاقة بين الهند وباكستان مثالًا واضحًا على ذلك، حيث يعتمد توحيد المجتمعات متعددة الهويات في كلا البلدين على العداء المتبادل. وبالمثل، يعتمد السياسيون في اليونان وأرمينيا على تصوير تركيا كعدو تقليدي لتعزيز وحدتهم الداخلية وضمان وصولهم إلى السلطة.

هذا التحليل ينطبق أيضًا على الديمقراطيات، حيث يقع المواطنون ضحايا للدعاية السياسية التي تعزز الخوف من تهديدات مثل الإرهاب، والأمن الغذائي، والأسلحة النووية، والجريمة المنظمة، وحتى الأمراض. هذه الدعاية تخلق حالة من القلق المستمر، مما يجعل الجمهور أكثر تقبلاً لوجود عدو مشترك يحتاج إلى مواجهة. وهنا يأتي دور الإعلام والأدب والفن في تعزيز هذه الصورة، من خلال إنتاج أفلام ومسلسلات وروايات تُصوِّر العدو كتهديد وجودي، بينما تُظهر الأبطال الذين يحققون النصر عليه.

تُستخدم اللغة أيضًا كأداة لتبرير العنف ضد العدو، حيث يتم تصوير أعمال العنف بشكل انتقائي وفقًا لهوية الفاعل. فما يُسمى “إرهابًا” عندما تقوم به جماعات جهادية، يُوصف بـ”القصف الدقيق” عندما تقوم به دول قوية. وبالمثل، يختلف وصف الاعتقال القسري وفقًا للفاعل، حيث يُطلق عليه “احتجاز رهائن” في أمريكا اللاتينية، و”اعتقال إداري” في إسرائيل، و”اختطاف” عندما تقوم به الجماعات المسلحة.

أخيرًا، تلعب السياسة دورًا محوريًا في تحديد العدو، حيث يتم اختيار الأعداء أو تأجيلهم وفقًا للمصالح الاستراتيجية. على سبيل المثال، تُعتبر إيران، برغم تصنيفها كتهديد، أقل خطورة من باكستان التي تمتلك أسلحة نووية وتضم جماعات متطرفة، إلا أن التحالف الأمريكي مع باكستان يجعلها حليفًا وليس عدوًا. وبالمثل، تُعتبر السعودية، رغم سياساتها المتشددة، حليفًا للغرب، مما يعكس كيف يتم تشكيل مفهوم العدو بناء على السياقات السياسية والاجتماعية أكثر من الحقائق الموضوعية.

يستعرض المؤلف أمثلة مختلفة لتمجيد الحرب، حيث يتم تقديس المحاربين ونتائج الحروب من خلال النصب التذكارية والمتاحف التي تُخلّد ذكرى المعارك، حتى تلك التي شهدت إبادة جماعية. فالحرب تُعَدُّ مصدرًا للفخر الوطني، سواء من خلال التمجيد الديني أو العلماني. على سبيل المثال، تُجّسد فرنسا انتصارات نابليون رغم رفض الدول التي غزاها لهذه الاحتفالات. وتلعب هذه الذكريات، سواء كانت انتصارات أو هزائم، دورًا في تشكيل الهوية الجماعية، حيث تقوم الدول بزيارات رسمية لنصب الجندي المجهول، لكنها لا تُقيم تماثيل ترفض الحرب أو تلعنها، لأن ذلك قد يُعتبر إهانة لتضحيات المحاربين.

كما تُسوّغ الدول الهزائم العسكرية بتحويلها إلى ملاحم مع مرور الوقت، حيث يتم محو المسؤولية عن الهزائم من الذاكرة الجماعية، ويتم ترسيخ صورة العدو كرمز للشر. ويمكن تعريف الحرب بأنها وسيلة للتطهير أو الخلاص بعد الهزيمة أو الإذلال. على سبيل المثال، بعد فشل الرئيس الأمريكي جيمي كارتر في حل أزمة الرهائن في إيران، انضم بعض الديمقراطيين إلى صفوف الجمهوريين، بينما انتمى العديد من المحافظين الجدد إلى جيل صدمة الهزيمة في فيتنام، مما دفعهم إلى الدعوة لزيادة الإنفاق العسكري. وبالمثل، كانت هزيمة العرب في حرب 1967 سببًا في تحول العديد من الشباب نحو الإسلام، فيما عُرف بجيل الصحوة.

تُشرعَن الحروب غالبًا تحت مظلة “العدالة”، حيث يتم تبريرها بأهداف مثل “التحرير” أو “جلب الديمقراطية”. ويشير كارل شميت إلى أن الحرب العادلة يجب أن ترتكز على عدالة القضية وليس على مصالح الحكام، مما يفتح الباب لحروب غير محدودة لأنها لا تعترف بشرعية العدو. وقد استخدم رئيس الوزراء البريطاني توني بلير هذا المنطق لتبرير غزو العراق، مدعيًا أن نظام صدام حسين يمتلك أسلحة دمار شامل.

في حالة الحرب الأمريكية على العراق، تم استخدام مفهوم “الحرب الاستباقية”، الذي استند إلى أفكار كارل شميت وليو شتراوس، حيث تم تصوير العراق كدولة مارقة تشكل تهديدًا. وقد روّجت الولايات المتحدة لفكرة “الأسلحة الذكية” و”معارك صفر ضحية”، وأن هذا النوع من الضربات الاستباقية قابلٌ للسيطرة عليه تمامًا، فلا تأثيرات جانبيّة على المدنييّن، وإن تمّ فيكون متدنّيًا لأقصى الدرجات، ويمنح الجنود مسافة أمان وحماية قصوى قبل الدخول في المعارك، ولكن الواقع أثبت  أن هذه الأسلحة المناسبة لمكافحة الإرهاب أثبتت أنها تقتل كأي وسيلة حربيّة تقليديّة أخرى، فحين تُلقى قنبلة تزن نحو 500 كغ على منزلٍ يسكنه “إرهابيّ” في غزة أو باكستان فإنّ “منزله” و”حيّه” وكلّ ما حولَه يتم تدميره كما يسقط نتيجة ذلك عشرات الضحايا؛ إلا أن هذا لا يشكّل عائقًا أمام الذهن الأمريكيّ الذي اخترع نظريّة العنف الضروري والمقبول .

بناءً على ذلك يمكن أن يكون التعذيب متاحًا وقانونيًّا لأن معتقلي “الإرهاب” ليسوا جنودًا أو دولة، ولذا فهم محاربون غير شرعيّين لا تُطبّق عليهم اتفاقات جنيف، كما تتحوّر حروب العصابات تحت هذه الأفكار من حروبٍ غير تقليديّة إلى حروبٍ هجينة أو غير متناظرة، ويشكّل قربُ أي تهديد عاملاً يسمح باستخدام القوة، وهنا تؤدّي وسائل الإعلام دورها في إقناع الرأي العام بقوة هذا التهديد وفوريّته، كما تتيح التسويق للأكاذيب كالإعلان عن الصلة التحالفيّة بين بن لادن وصدام حسين أو قرب امتلاك قنبلة نووية لإيران منذ عام 1994 ثم عام 1996، ثم 2000 ثم 2006، ثم 2011، ثم 2014، ثم 2019

يُبرز المؤلف دور “مؤسسات التفكير الاستراتيجي” في تحديد العدو ووضع سيناريوهات التعامل معه، حيث ازدادت أهميتها في الدول الغربية، خاصة تلك التي تعمل لصالح وزارات الدفاع، بشكل غير مسبوق منذ نهاية الحرب الباردة. وتتمثل مهام هذه المؤسسات في تحليل التهديدات، وفهم آلياتها، وتحديد مصدرها، واقتراح طرق مواجهتها. وقد نشأت أولى هذه المراكز في الولايات المتحدة، التي تضم الآن أكثر من 1500 مركز، أي ما يقارب 58% من إجمالي مراكز التفكير الاستراتيجي البالغ عددها 5465 مركزًا في 170 دولة. وقد تم إنشاء معظم هذه المراكز بعد سقوط جدار برلين، أي خلال العقود الثلاثة الماضية.

تتفوق الولايات المتحدة في استثمارها في “سوق الأفكار”، حيث أنفقت في عام 2008 نحو 561 مليون دولار على ثمانية من أهم المراكز الاستراتيجية لديها، مقارنة بـ112 مليون دولار أنفقتها أوروبا على مراكزها. ويُلاحظ أن عدد الباحثين في هذه المراكز الأمريكية يفوق نظراءهم في أوروبا، فمركز “راند” وحده يضم باحثين أكثر من جميع المراكز الأوروبية مجتمعة، رغم أن ميزانيته أقل من مراكز أخرى مثل “ميترا”، الذي يتبع وزارة الدفاع الأمريكية ويحصل على تمويل سنوي يقارب 1.3 مليار دولار. ومع ذلك، غالبًا ما تركز هذه المراكز على قضايا محددة دون فهم عميق للتيارات الفكرية والثقافية في المناطق التي تدرسها، مما يؤدي إلى تحيز في أحكامها.

في المقابل، تعتمد الأنظمة التسلطية على رأي الزعيم أو الحزب الحاكم، حيث يتم تهميش المثقفين الذين يحاولون نقد الواقع أو البحث في أعماقه. وهذا يؤدي إلى تكرار الخطابات الرسمية دون فهم حقيقي للآخر، سواء كان الغرب الذي يفكر من موقع القوة دون مراعاة قضايا الآخرين، أو الأنظمة التي تكرر رؤية الحاكم دون تحليل نقدي.

أما في مجال توجيه الرأي العام، تلعب المراكز الاستراتيجية دورًا محوريًا في صناعة الأفكار وترويجها، بدءًا من تحليل المعلومات التي تجمعها الاستخبارات، مرورًا بتسريب معلومات لاستهداف أعداء معينين (كما حدث مع المقاومة الأفغانية ضد السوفييت)، ووصولاً إلى دعم الانقلابات (حيث يُذكر أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية “CIA” شاركت في تنفيذ 50 انقلابًا في العالم). كما يساهم الكتّاب والمحللون والإعلاميون في تشكيل الرأي العام من خلال روايات أسطورية أو أيديولوجية، مما يوفر مادة دسمة للصحافة والسينما التي تستثمر في “سوق الخوف” لتعزيز جاهزية الجمهور لتصديق التهديدات القادمة من “العدو”.

يعتمد فن التحريض على مجموعة من الاستراتيجيات، أولها التأكيد على أن “كل شيء استراتيجي”، حيث يتم استخدام مصطلحات علمية مثل “رقعة الشطرنج” و”أحجار الدومينو” لإثبات خطورة العدو. أما الاستراتيجية الثانية فهي التركيز على أن “كل شيء مجازفة”، حيث يتم تصوير أي تأخير في الاستجابة للتهديدات على أنه خطر على الأمن القومي، مما يبرر الحروب الاستباقية. ومع ذلك، غالبًا ما تكون هذه التوقعات مبالغًا فيها، كما حدث في الستينيات عندما توقع البعض أن يصل عدد الدول النووية إلى 25 دولة بحلول عام 2000، بينما لم يتجاوز العدد الفعلي تسع دول.

أخيرًا، تُعتبر “الازدواجية” إحدى أهم استراتيجيات التحريض، حيث يتم التعامل مع دولة متطرفة كحليف بينما يُنظر إلى تعامل دولة أخرى مع عدوها على أنه تهديد للأمن العالمي. كما يتم تصوير الديمقراطية على أنها خطر إذا جاءت بخصم غير مرغوب فيه، بينما تُبرر الديكتاتوريات الوراثية بحجة الحفاظ على الاستقرار. ويظل حلف الناتو، رغم انهيار الاتحاد السوفييتي وحلف وارسو، دون عدو محدد، مما يعكس طبيعة التحالفات التي تعتمد على صناعة الأعداء لتحقيق أهدافها.

يقدم المؤلف تصنيفات مختلفة لصناعة العدو وفقًا لسياقات الحرب وطبيعتها، حيث يتم اختيار التصنيف المناسب بناءً على الظروف والأهداف. هذه التصنيفات تشمل:

العدو القريب: وهو الجار الذي يتم التنازع معه حول قضايا حدودية أو أراضٍ، حيث تكون “الأرض” هي محور النزاع، وتتحول الحرب إلى وسيلة لـ”نزع الملكية” بالقوة.

  • الخصم العالمي أو المنافس الكوكبي: هنا يكون العدو دولة أو كيانًا يتنافس على النفوذ العالمي، كما حدث خلال الحرب الباردة أو التنافس الاستعماري بين الدول. ويكون الهدف من الحرب إظهار القوة والسيطرة على مناطق النفوذ.
  • العدو الحميم: يشير هذا التصنيف إلى الحروب الأهلية، حيث يكون العدو جزءًا من المجتمع نفسه. رغم التعايش السابق، تتحول العلاقات إلى صراع دموي يقوم على مبدأ “اقتل قبل أن تُقتَل”، في إطار ما يُعرف بـ”التطهير الفصامي”.
  • العدو الهمجي: وهو التصور الذي يبنيه المحتل عن الشعب المحتل، حيث يُصوَّر على أنه “متخلف” ولا يفهم سوى لغة القوة. ويُبرر القمع هنا كوسيلة “لإحلال السلام”.
  • العدو المحجوب: يتم تصنيف العدو هنا بناءً على “نظرية المؤامرة”، حيث يُعتبر تهديدًا خفيًّا يتطلب مواجهة دموية. وغالبًا ما تكون الحرب نتيجة رُهاب هذيانيّ يتحول إلى عنف منظم.
  • حرب الخير ضد الشر: في هذا التصنيف، يتم تصوير الحرب كصراع بين الخير والشر، حيث يُعتبر العدو شيطانًا يحتاج إلى طرد أو إبادة. لا تقتصر هذه الحروب على النزاعات الدينية، بل تشمل أيضًا الأيديولوجيات الشمولية التي تسعى لإلغاء أي تهديد من الآخر.
  • الحرب الاستباقية ضد عدو متخيَّل: هنا يتم شن حرب وقائية ضد عدو يُعتقد أنه يشكل تهديدًا مستقبليًا، حتى لو كان أضعف من الناحية العسكرية. يتم تبرير هذه الحروب، كما في حالة “الحرب على الإرهاب”، بالخوف من انتشار أسلحة الدمار الشامل.
  • العدو الإعلامي: ظهر هذا النمط بوضوح بعد الحرب الباردة، حيث تلعب الصورة دورًا أكبر من النص في تشكيل صورة العدو. يتم تحديد هذا النوع من الأعداء من قبل المثقفين والإعلاميين والعاملين في المجال الإنساني، دون الحاجة إلى مراكز التفكير الاستراتيجي.

هذه التصنيفات توضح كيف يتم تشكيل صورة العدو وفقًا لسياقات مختلفة، سواء كانت حدودية أو أيديولوجية أو إعلامية، مما يبرر استخدام العنف والحرب كوسائل لتحقيق أهداف محددة.

يُعتبر بناء العدو عملية معقدة تتداخل فيها العوامل الاجتماعية والسياسية، حيث تلعب النخب السياسية والثقافية دورًا محوريًا في تشكيل صورة العدو والترويج للحرب. ومن المثير للاهتمام أن الأنظمة الدكتاتورية قد لا تمتلك بالضرورة نوايا عدائية تجاه جيرانها، في حين أن بعض الدول الديمقراطية، رغم ادعائها الالتزام بالسلمية والمساواة، قد تبني طموحاتها المستقبلية على التوسع في النفوذ والاستعداد للحرب.

يرى المؤلف أن صناعة العدو ستظل قطاعًا ضخمًا في المستقبل، رغم اعتقاده بأن الحرب ليست قدرًا محتومًا، بل هي نتاج سلوك بشري يمكن التحكم فيه من خلال بذل جهود أكبر لتجنب النزاعات قبل تفاقمها. فبدلاً من التسرع في خوض الحروب، يمكن العمل على استباق أسباب الصراعات وتقليل حدتها.

من ناحية أخرى، يمكن للسياسيين والمسؤولين والمفكرين أن يلعبوا دورًا حاسمًا في تفكيك العداوات، كما فعل نيلسون مانديلا في جنوب إفريقيا عندما اختار التسامح والاعتراف بدل الانتقام من زعماء نظام الفصل العنصري. هذا المثال يوضح كيف يمكن للاعتراف والمبادرة بالصفح أن يخففا من دوافع الانتقام ويعززا السلام.

ويختم المؤلف كتابه بكلمة مهمه يقول : هذا الكتاب لايدعو للسلام، لكن من الممكن التفكير بأن دراسة آليات الكشف عن صنع العدو ربما تساعد في استباق أسباب النزاعات وتقليصها.

Abdulrahman Eid

عبد الرحمن عيد
وُلد عام 1994 في مدينة حلب السورية. بدأ تعليمه الجامعي في جامعة حلب عام 2012، ولكن بسبب الحرب اضطر إلى الهجرة إلى تركيا في عام 2018. واصل تعليمه في إسطنبول وتخرج من كلية الإلهيات في جامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية عام 2023.
عمل في مجال تعليم اللغة العربية كلغة أجنبية، واشتغل في عدة مؤسسات مثل "Akdemistanbul"، والمدارس الحكومية للأئمة الخطيب، ووقف تركيا لتعليم القرآن الكريم، ورئاسة الشؤون الدينية في تركيا. ولا يزال مستمرًا في العمل في هذا المجال.
بالإضافة إلى ذلك، يُجري أبحاثًا في فلسفة السياسة، ويهتم بشكل خاص بمواضيع العلاقة بين الإسلام والسياسة.

اترك تعليقاً

Your email address will not be published.