سنة بعد الثورة السورية

مرت سنة على الثورة السورية، وخلال هذه الفترة – على الرغم من العقوبات وإسرائيل – تم إحراز تقدم أكبر بكثير مما كان متوقعاً. فقد رُفعت العقوبات، وأصبحت دمشق مركزاً إقليمياً، وظهرت دولة سورية حرة في الشرق الأوسط حيث يحترم الشعب حكومته ليس بدافع الخوف، بل بمحض إرادته.
08/12/2025
image_print

مرت سنة ..

وخرج الرئيس أحمد الشرع بملابس أبو محمد الجولاني الذي كان يرتديها خلال معركة ردع العدوان، توجه إلى المسجد الأموي بحراسة مخففة وسط آلاف المواطنين السوريين الذين تواجدوا في المكان بشكل عفوي دون أي تفتيش أو تدقيق أمني، وقف على المنبر وقال، انتم سبب نجاحنا وبدعمكم سنستمر، في موقف يصعب أن يُرى في دولة عربية أخرى وكلمات لا يرددها أي زعيم عربي آخر.
اختار أحمد الشرع ملابسه للظهور بهذا اليوم بعناية، فهو يرسل رسالة لمن حوله أنه هو هو، لم يتغير، ووقف على منبر المسجد الأموي ليحكي للشباب اليافعين الذين لا تتجاوز أعمارهم العشرين سنة، والذين كانوا رأس الحربة في دخول دمشق، أنه ما زال أبو محمد الجولاني، شيخهم وقائدهم المتدين في معارك شمال سوريا، وأن واقعية السياسة لا تغير شيئاً كثير من جوهره.

أما رسالته للخارج فكانت، نحن لم نخلع لباس الحرب، وما زلنا نفتخر بماضينا المقاتل الذي لم نقتل فيه أي بريء بل عرّضنا أنفسنا للخطر من أجل حماية الناس المدنيين الأبرياء، كانت هذه كلماته أيضاً قبل أيام في منتدى الدوحة، أمام مذيعة غربية ظنت أنه سيجتهد في صياغة كلمات يهرب بها من ماضيه.

صباح اليوم صدحت جميع المآذن في سوريا بالتكبير، ليس احتفالاً بالنصر فقط، بل ترسيخ لهوية الانتصار، وبعدها انطلقت استعراضات عسكرية في جميع أنحاء سوريا، وكان المشهد الأشد استفزازا لاسرائيل، هو استعراض لمسيرات شاهين في مدينة درعا جنوب سوريا، هذه المدينة التي كان نتنياهو يقول دوماً أنه سيجعل جنوب سوريا خالية من السلاح، مدينة درعا التي انطلقت منها الثورة، والتي أوقف التقدم الاسرائيلي واشتبكت معه كذلك وقدمت شهداء من أبنائها كذلك.

كانت سنة طويلة، عاشت فيها هذه الدولة الجنين الكثير من المصاعب والأزمات التي كان يمكن أن تطيح بدول أكبر وأكثر استقراراً، في ساعات الثورة الأولى حاولت دول إقليمية مصادرة الانتصار عبر إرسال مجموعات مقاتلة من الجنوب إلى دمشق، لكن سرعة تقدم أحمد الشرع ورفاقه كانت أسرع من ماكينة حياكة المؤتمرات، ومدة وصوله إلى دمشق كانت أقصر من مدة الاجتماع المنعقد حينها، ووسط حقل الغام سياسي، نجحت سوريا بدعم دبلوماسي من تركيا في إقناع الدول الإقليمية أولاً بحكمة ومعقولية القيادة الجديدة، ثم تشكل تحالف سعودي تركي قطري دبلوماسي لدعم سوريا في المجتمع الدولي، وخلال أول سنة كان الشرع يلتقط صورة مع ترامب وبوتين، بينما دول وظيفية أخرى تطمح إلى صورة مع وزير خارجية أمريكي متحملة المهانة والاحتقار.

رفع الشرع شعاراً جديداً في سياساته كرد على من يتهمونه بالبراغماتية، قال لهم، البراغماتية مصطلح سلبي، يصور الأمر وكأن الإنسان يملك رفاهية اتخاذ قرارين أحدهما صائب والآخر براغماتي فيختار البراغماتي، بينما في الواقع هذه اسمها سياسة (عملية) نرى الخطوات التي ينبغي اتخاذها عملياً ونقوم بذلك!

مرت سنة على سوريا قطعت خلالها – رغم العقوبات واسرائيل – مسافة أطول من تلك المدة بكثير، ارتفعت العقوبات، وصارت دمشق مركزاً للزيارة في المنطقة، وصارت هناك دولة عربية في الشرق الأوسط يحترم سكانها الدولة رغبة دون خوف.

Ahmet Özgür

عمر غوندوغدو

اترك تعليقاً

Your email address will not be published.